بعد عمر حافل بالجد والعمل والنشاط توفي الصديق العزيز الشيخ محمد بن سعد الحيان ليلة الجمعة 14 /8 / 1440ه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وقد عرفته عن قرب يوم كنا ندرس في متوسطة الحريق حديثة النشأة آنذاك في السنة الدراسية الأولى، وأسرد شذرات عن سيرته رحمه الله: كان طالبًا نجيبًا مجدًا مكافحًا يدرس بالمدرسة نهارًا، ويستغل وقت الفراغ من الدراسة مساء وفي عطل الأسبوع حيث يقوم بالذهاب إلى البر والصحارى المحيطة ببلدة الحريق يبحث عن الحطب، ويبذل جهده في تجميعه ثم يقوم بنقله وجلبه للسوق العام رغم صعوبة هذا العمل ومشقته على مثل من كان في سنه، إذ كانت أمور المعيشة في ذلك الوقت صعبة والموارد شحيحة، ويضطر لهذا العمل لمساعدة والده على تدبير أمور الحياة، وبعد إكمال السنة الأولى لدراسة المتوسطة انتقل إلى الرياض حيث لم يكمل دراسته المتوسطة بالحريق حيث وجد بغيته فالفرص المتعددة والمجالات الواسعة والرحبة، فلدى وصوله الرياض التحق بالمعهد العلمي، واصل طموحه فالتحق بالدراسة الليلية ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق. وبعد تخرجه من المعهد العلمي التحق بجامعة الإمام وواصل دراسته فيها إلى أن نال شهادة البكالوريوس، وفي أثناء دراسته الجامعية بحث عن عمل إضافي يدر عليه دخلًا يساعد به والده، ففتح بقالة صغيرة بجوار سكنه بحي السبالة بالرياض يعمل فيها بنفسه وقت الفراغ من الدراسة، وبعد فترة غيّر هذا النشاط بترك البقالة واتجه إلى فتح منجرة يعمل فيها بيده فنجح. عين مدرساً للعلوم الشرعية بمتوسطة محافظة الحريق ثم عين مديراً لمتوسطة وثانوية الحريق إلى أن طلب الإحالة على التقاعد المبكر. ومن صفاته - رحمه الله - أنه كان زاهداً متواضعاً مبتعداً عن بريق السمعة والظهور، ذا شخصية هادئة مسالمة. وقد صدر عنه - رحمه الله - مؤلفان في آخر حياته، وهما كتاب «ثروة لغوية» في موضوع لهجتنا العربية الفصيحة، وديوان شعر تحت عنوان مشاعر وأحاسيس، يحتوي على جملة من القصائد والأناشيد التي قيلت في أزمان ومناسبات متفرقة. اللهم اغفر لفضيلة الشيخ محمد بن سعد الحيان الرجل المكافح، وارحمه، وجازه على ما قدم من أعمال، وافسح له في قبره، وأدخله جنات النعيم، وأصلح ذريته، وبارك فيهم إنك حميد مجيد (إنا لله وإنا إليه راجعون).