كثيراً ما نسمع بعض العبارات الواردة في بعض قصائد الشعراء في الزمن الماضي، ولكن هذه العبارات لا أعتقد أن كل من يسمعها يعرف معناها، بل هي تمر على فهم المستمعين مرور الكرام، دون أن يحيطوا بكل ما تعنيه من معنى؛ لأن لهذه العبارات معنيين؛ ظاهراً، وباطناً، وظاهر المعنى ليس إلا إشارة إلى معنى آخر، يفتقر إلى التفصيل والإيضاح، وهذه العبارات تخص صفة ورد المياه، كقول الشاعر: يا الهجن خوذن بنا شله يا مكسرات المصاليبي واسرن بنا ليلكن كله وأردن بنا مارد الذيبي ولد الردي لا تشيلنه ما له عليك مواجيبي إشارة إلى أنهم لا يردون المياه إلا في وقت خلو العد من الناس، وذلك في الهزيع الأخير من الليل، ويؤكد ذلك قوله «اسرن بنا ليلكن كله، وأردن بنا مارد الذيبي». وفي قول الشاعر أيضاً: هجننا يا حليل هنّه كل يومٍ موجفاتي كم شعيبٍ يقطعنه مقفيات ومقبلاتي وكم حمامٍ طيرنه من مطاوي الصارياتي وكم غلامٍ نومسنه بالبكار المشعفاتي وكم غلامٍ طوحنه للطيور الجايعاتي وكم غلامٍ فشلنه عقب عشقه للبناتي «وكم حمامٍ طيرنه، من مطاوي الصاريات»، والصريات، هي جمع صرية، وهي البئر التي ظل الماء رافلاً فيها زمناً طويلاً؛ لأن الناس لا يردون عليها، كذلك من الشواهد على صحة ما تم التنبيه إليه، مما يحتاج إلى إعادة نظر في تأمّل معناه غير الظاهر، الذي هو مجرد إيماءات، يتكرر ورودها في الأشعار، متواترة المعنى والمضمون، كقول الشاعر يصف كيف يختار المياه، التي تؤمن لهم قضاء حاجتهم من الماء، والتي - كما أشرت - تضمن السلامة، قول الشاعر: « تشاوروا بينهم ثم أوردوهنه، عداً محت جرته هبايب النودِ»، ضمن قصيدته والتي هي قوله: يا مل قلبٍ بنات البدو يشعنه شعية قطيعٍ شعونه قوم صاهودي مقدم هل الهجن أبو سفاح يتلنه واللي معه كلهم صبيان مقصودي ربعٍ خذو جلهن واقفو عليهنه ما خلوا إلا مثل ضالع ومفرودي وتشاورو بينهم ثم أوردوهنه عدٍ محت جرته هبايب النودي يوم اوقفوهن على الماء جا لهن حنه مفرقٍ ولفهن طارد ومطرودي أي: تساءلوا فيما بينهم، أي العدود على طريقهم خاليةً من الناس، فاتفقوا على ورد موردٍ لهم عهدٌ بمعرفته، فوردوا عليه. ورد المياه نافل علي الحربي