كما هي الحال في الكثير من الدول العربية يترقّب الناس في السودان قدوم هذا الشهر الفضيل بفيض من الشوق والاستعداد، ويدّخرون له ما طاب من المحاصيل الزراعية والبقوليات والتمر منذ وقت مبكر وذكرت نعمات حمود أن الاحتفال بشهر رمضان يبدأ في السودان قبل مجيئه بفترة طويلة، مع بداية شهر شعبان حيث تنبعث من المنازل السودانية رائحة جميلة، هي رائحة (الأبري) أو (المديدة)، وبعد الإعلان عن بدء الشهر، تأخذ المساجد في إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار، وتظل المساجد عامرة طوال هذا الشهر بالرواد من المصلين والمتعبدين. ويُقبل أهل السودان على القرآن الكريم بطريقة تستحق الإعجاب والتقدير، حيث تعقد الحلقات في المساجد من بعد صلاة العصر حتى قبيل المغرب بقليل، وتكثر الدروس الدينية في هذا الشهر، ويتولى الأئمة السودانيون والدعاة أمر القيام على هذه الدروس والحلقات ويكون هذا الشهر بالفعل شهرًا إسلاميًا حيث تمتلئ ساحات المساجد الواسعة وطوابقها العليا وسطوحها بفيض من الرجال والنساء والشباب والفتيات الذين يتدفقون من كل حدب وصوب لصلاة التراويح، وخلال موعد الإفطار يشرب (الآبريه) ويُعرف ب (الحلو - مر) وهو شراب يروي الظمآن، ويقضي على العطش الذي تسببه تلك المناطق المرتفعة الحرارة. و(الآبريه) كما يصفه أهل تلك البلاد، عبارة عن ذرة تنقع بالماء حتى تنبت جذورها، ثم تُعرَّض لأشعة الشمس حتى تجفَّ، ثم تطحن مع البهارات، وتعجن وتوضع على هيئة طبقات في الفرن حتى تنضج، ومن الأشربة المشهورة عند أهل السودان كذلك شراب يُصنع من رقائق دقيق الذرة البيضاء، حيث تطهى على النار، ويُعمل منها مشروب أبيض يُعرف ب (الآبري الأبيض) له خاصية الإرواء والإشباع، إضافة إلى شراب (المانجو) و(البرتقال) و(الكركدي) و(قمر الدين) ، وأبانت نعمات أن من وجبات رمضان المشهورة في السودان (الويكة) وهي نوع من (البامية) مع (العصيدة) وهناك أيضًا طعام يسمى (ملاح الروب) وهو عبارة عن لبن رائب ممزوج بقليل من الفول السوداني، وطعام يسمى (القرَّاصة) ويؤكل مع الإدام ويُعدُّ طبق (العصيدة) من الوجبات التقليدية عند أهل السودان، ويتكون من خليط عجين الذرة المطهي، ويؤكل مع طبيخ (التقلية) ذات اللون الأحمر، ومكوناته تتألف من (البامية) الجافة المطحونة وتسمى (الويكة) مع اللحمة المفرومة وبعد تناول طعام الإفطار، يحتسي الصائمون شراب الشاي والقهوة، وتتبادل الأسر السودانية خلال الشهر الفضيل الزيارات الأسرية، كما يُعد شهر رمضان شهر المتعة للأطفال، الذين يمارسون هواياتهم، خاصة وقت الإفطار الجماعي، فضلاً عن السماح لهم بالسهر إلى وقت متأخر من الليل، الأمر الذي لا يجوز لهم في غير رمضان، ولا يزال السودانيون يعتمدون تعليم الأطفال الصيام منذ الصغر، فيشجعونهم على صيام الشهر من خلال تقديم الهدايا في آخر النهار، كما يقدمون الإفطار والطعام للأطفال قبل الكبار والضيوف، تكريماً لهم ولصيامهم في هذا الشهر، الأمر الذي يجعل الأطفال يرغبون في الصيام منذ الصغر. رمضان فى السودان عادات وتقاليد فريدة نعمات حمود