يشكل المسلمون في دولة طاجيكستان 98 % من تعدادها البالغ 8 ملايين نسمة، ومع حلول شهر رمضان، تغلق المقاهي والمطاعم في العاصمة دوشنبه وغيرها من المدن المحلية طيلة اليوم، وبعيدا عن العاصمة، فإن تقاليد شهر رمضان أشد صرامة في المدن المحلية، وبرغم الأعمال الزراعية الشاقة التي يقوم بها المواطنون، فهم أكثر حرصا على تعليم أبنائهم ما بين سن 9 إلى 12 عام الصيام وتقاليد شهر رمضان وذكر عزت الله نور الله أنّ شهر رمضان يأتي كل عام ليُذكّرَ مسلمي طاجيكستان بعظمة تاريخهم وإسهامات علمائهم، فيسعَدون بحلوله ويستعِدّون لاستغلال أوقاته المباركة في العبادة وزيادة التقرّب إلى الله، مضيفاً يرى مسلمو طاجيكستان في الشهر الفضيل فرصةً لتعزيز الثقافة الدينية، وبمجرد الإعلان عن ابتدائه فإنّهم يُشمّرون عن أياديهم مُعلنين بذلك فرحَتهم بقدوم هذا الشهر الكريم الذي تتآلف فيه القلوب ويتقارب فيه الجميع ويتقربون إلى الله، حريصين على التهجد والقيام والإكثار من الطاعات، ففي المساجد من يختم القرآن في صلاة التراويح في ثلاثة أيام ومنهم من يختم في أسبوع ومنهم من يختم في شهر كغالبية المساجد»، وأشار عزت الله إلى أن مائدة الإفطار تتكون من الشربة أو «اللاغمان» وهي أكلة أساسية في الإفطار، ثم يليها «البلوف»، وهو عبارة عن رز مع لحم وجزر مع الإكثار من الزيت والدهون، ويطبخ بطريقة خاصة توصله إلى نكهة غير عادية، ولا تغيب عن الطاولة الفواكه المجففة التي عادة ما تقدم في بداية الطعام ومع الشاي الذي هو ضروري خاصة بعد الأكل.. فالشعب الطاجيكي يكثر من شرب الشاي، ومع انتهاء الأكل ولحين أذان صلاة العشاء تجتمع الأسرة والضيوف يتناولون الحديث، الذي غالبا ما تتخلله موعظة من أحد الشيوخ إن كان حاضرا في الجلسة، أو تبادل أطراف الحديث عن الأوضاع العامة التي يعيشها الناس في تلك الأيام وأضاف عزت الله أن الجميع يعيش نفحات الشهر الكريم بحسب ظروفه وإمكانياته، ومن مظاهره ربما يمر عليك الوقت فتجد نفسك في وقت الإفطار مارا من أمام بيت أحدهم، فلا يدعك تمر حتى تلبي دعوته، وتتناول معه طعام الإفطار، لا يهمه من تكون ومن أين جئت فتلبية الدعوة عادة، وخاصة في القرى والمدن الصغيرة التي لا تزال الحضارة بعيدة عنها بأميال، كما تكتظ المساجد بالمصلين، ولا يكتمل الصيام للكثير منهم إلا بصلاة التراويح، جزءا مهما في حياتهم الرمضانية اليومية، وكل المساجد تصلي عشرين ركعة، أما ليلة القدر فهي الليلة التي يخيل إليك أنه لم يبق أحد من النساء والرجال في البيوت، حيث تكتظ الساحات المجاورة للمساجد وتخرج في تلك الليلة زكاة الفطر، توضع في الصناديق الموزعة على الشوارع من القائمين على المساجد، وتكثر في تلك الليلة الصدقات ويتوجه الجميع إلى الأئمة والقراء لطلب الدعاء لهم وللأموات من الأسرة، ويقدم في نهايتها مبلغ من المال يعتبرونه صدقة على أرواح من طلب لهم الدعاء، وخلال الليالي الرمضانية يعيشُ أطفال طاجيكستان أوقات فرح وسرور حيث يتجمّعون للتجوّلِ بين بيوت الجيران والطَرْقِ على أبوابها وفي يد كل منهم كيس كبير لجمع الهدايا، مُنشدينَ بصوتٍ واحد «حان شهر رمضان بإذن الله، يا صاحب البيت شهر رمضان مبارك، فأخرج لنا هدايانا». ويرتدون حينها الأزياء الشعبية المُفعمة بالألوان والمطرّزة بالخيوط الذهبية، ولِكلّ منطقةٍ في طاجيكستان أزياؤها الشعبية الخاصة التي يسعد السكان بارتدائها لأنها تُعبّر عن هويّة ثقافية يعتزّون بها، وأكثر ما يُميّز الأزياء الطاجيكية هو طريقة تفصيلها فهي فضفاضة ومطرّزة بخيوط ذهبية اللون وقماشها عليه رسومات وزخارف ملوّنة بالأزرق والأحمر والأخضر وغيرها من الألوان التي تضجّ بالحياة. المساجد تكتظ بالمصلين في طاجيكستان عزت الله نور الله