عندما يشرع شهر رمضان في بث أنفاسه التي تجعل من الشحناء مودة، ومن الفرقة ألفة، ومن الشتات اجتماعا، وتتجسد هذه الصور الجميلة ساعة الإفطار، عندما تجتمع الأقطاب من جميع الجاليات على قلب رجل واحد تجمعهم الغربة قبل أن يتقاسموا قطع الخبز على الإفطار، فمتى توفر الإحساس بالجو الرمضاني لديهم أينما كانوا عاشوا تلك الطقوس الطيبة. ولشهر رمضان نكهة وطعم خاص هنا لدى الجاليات المسلمة المقيمة في المملكة، بعد أن ضمت المملكة في داخلها أطهر بقاع الأرض مكةالمكرمة قبلة المسلمين جميعا بيت الله الحرام ومسجد خاتم الأنبياء والمرسلين في المدينةالمنورة، حيث يتوافد الملايين من المسلمين ليشكلوا أكبر منظومة إسلامية وليشعروا بدفء رمضان وهم خارج أوطانهم، في أبهى وأجمل صور التعايش مع مواطني المملكة وفي مشهد فريد يتكرر في كل عام. وذلك من خلال إعداد أطباقهم الرمضانية التي تحمل بهارات ثقافتهم خاصة من يصطحب معه أفراد أسرته. ويصف محمد حاني من الجزائر صور رمضان في بلاده ويقول: «لشهر رمضان في أرض الجزائر نكهة خاصة والجزائريون يقدرون هذا الشهر تقديرا كبيرا وبما يؤكد مدى انتمائهم الحضاري للإسلام». وعن الاستعدادات لشهر الصيام في الجزائر يقول: «إنها لا تختلف عنها في المملكة حتى أنها تبدأ في شهر شعبان خصوصا في محال الأزياء التقليدية، حيث يكثر الطلب على الخياطة التقليدية لأن الجزائريين رجالا ونساء يفضلون ارتداء الملبوسات الجزائرية المعروفة خلال شهر رمضان، وكذلك يفضلها أبناؤهم الذين يرافقونهم لأداء صلاة التراويح، أما محلات الفواكه وخاصة التمور فتجد إقبالا كبيرا وبعض المحلات التجارية تتخصص في توفير المواد الغذائية الرمضانية مثل الفطائر». ويضيف: «صيام شهر رمضان في المملكة له مميزات كثيرة لايمكن حصرها والصلاة في الحرم المكي هي الأهم والأعظم مع أداء العمرة في شهر رمضان، وأردف: «نحن لا نشعر بالغربة وسط هذا الشعب الكريم.. وأتمنى للجميع التوفيق في صيام وقيام هذا الشهر». ومن جانبه، يقول المقيم عزت الكلالي من المغرب: هناك شيء وحيد أفتقده دوما في شهر رمضان وعلى مائدة الإفطار وهو الحلوى المغربية مثل (المخرقة) و(الشباكية) و(المقروط) وغيرها من أصناف الحلويات التي يتميز بها المغرب، وزاد: «في المغرب طقوس تعتبر ثوابت تؤدى مع حلول شهر رمضان سواء في الملبس أو المأكل وما إلى ذلك»، وقال: «بيد أن وجودي في ربوع أرض الحرمين لا أعده يختلف كثيرا عن وجودي في بلاد المغرب». أما أمير الحكم يمني، فيعبر عن صورة رمضان في ذهنه ويقول: «لا شك في أن قدوم هذا الضيف العزيز علينا جميعا، والمطهر من الذنوب، نستقبله بفرحة كبيرة خاصة ونحن في أرض الحرمين الشريفين ولا نشعر بفرق كبير بين عاداتنا وتقاليدنا في وطننا عن ما نجده في المملكة، حيث التوادد والتراحم والإكثار من أعمال الخير والصدقات للفقراء والمساكين». وعن المائدة الرمضانية اليمنية، يقول: «إنها تحفل بالكثير من المأكولات المتنوعة وأشهر الأطباق الرمضانية (العصيدة) و(المرسة) و(السلتة) و(الفحسة)، ويضيف: «يحرص أفراد الجالية اليمنية في رمضان على أداء العمرة وشعائرها سنويا سواء كانوا مقيمين أو قادمين للزيارة والعمرة، وتكثر في هذا الشهر الزيارات بين الأهل والتواصل في لياليه الكريمة». ويقول المقيم السوداني جعفر أزهري: «نحن نعيش حاليا أجواء روحانية والكل يعمل على قضائها وفق ما هو معروف، ونحن في السودان نستعد لشهر رمضان في الإعداد لمائدته منذ إطلالة شهر شعبان، كما أن المساجد تبدأ في النظافة والترتيب لاستقبال رمضان، ويكثر الناس في هذا الشهر من العبادات والصدقات كما هو هنا في المملكة، وأضاف: «نحن نحرص دائما على صيام رمضان في السعودية لأداء عمرة رمضان وقضاء لياليه في الحرم المكي الشريف ومن معه أسرته يحرص على اصطحابها معه للتعبد وتلاوة القرآن الكريم حتى نهاية شهر رمضان».