يبدو أن المملكة ستظل دائماً تشكل عقدة لدى الكثيرين ممن يشعرون بالضآلة والصغر أمامها والعجز عن أن ينازعوا في مكانتها التاريخية في الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع. تمثّل هذه العقدة مرضاً مزمناً لكل هؤلاء الذين يحاولون من وقت إلى آخر أن يتطاولوا عليها؛ رغبة في الشهرة وحب الظهور لأنه بغير الحديث عن المملكة يقل الاهتمام بتلك الأخبار التي تبثها تلك الفضائيات أو الصحف أو المواقع المشبوهة وتتراجع أهمية ما يبث على شاشاتها وصفحاتها مهما يكن نوع ما يقال أو هوية ومكانة من يتحدث. إن المملكة كانت ولا تزال وستظل صاحبة العطاء الأكبر لأمتها تاريخياً وحضارياً وثقافياً، فهي مهبط الوحي وقبلة المسلمين. ولا يخفى أن هذا هو قدر المملكة التي لا تستطيع الانفكاك منه، فإن ارتباطها بأمتها العربية والإسلامية، ومساعداتها التي لا تنتهي لجميع أشقائها من الدول العربية والدول الإسلامية- وبخاصة تلك الدولة التي ينتمي إليها ذاك النكرة- هو أمر أوضح من الشمس في رابعة النهار. فاذهب كيف شئت إلى أي مكان في الدنيا شرقاً أو غرباً شمالاً أو جنوباً لترى أثر المملكة فيه. إن محاولة الأقزام والأصاغر النيل من مكانة المملكة أمر يدعو إلى الشفقة على هؤلاء الذين يتوهمون أنهم باستطاعتهم مناطحة الجبال برؤوسهم، أو الوصول إلى مكانة المملكة السامقة؛ لأن ذلك هو المستحيل بعينه. لذا فما أكثر ما نراه اليوم من ذلك الانزعاج الهائل الذي يصل إلى حد الهوس من شخصية سيدي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، تلك الفوبيا التي لدى هؤلاء الأقزام والأصاغر منه؛ نتيجة النجاحات غير المسبوقة التي تحققت على يديه في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت قيادة ملك الحزم مولاي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، تلك النجاحات تُفقد الأعداء صوابهم ورشدهم، فلا يجدون أمامهم سوى النباح والعويل، ومحاولة التطاول على هذه القمة الشامخة التي لا يستطيع أولئك الأقزام حتى مجرد النظر إليها، أو الاقتراب منها. كان هذا منطلقاً للتهوين والتقليل من شأن ذلك الفيديو الذي صدر من نكرة حقير جاء إلى المملكة للعيش بين أهلها والتمتع بخيراتها، فلما حان وقت الرحيل عن الجنة إلى بلده أساء لأولياء نعمته بكلام لا يستحق الرد عليه؛ لأن مجرد الرد على أمثال هؤلاء فيه ذِكرٌ لهم ورفعٌ لشأنهم وهم أحقر وأذلّ من أن يُذكروا. وعلى الرغم من أنه قد ساءني جداً كما ساء كل سعودي محب لوطنه غيور عليه، ما جاء على لسان ذاك النكرة. إلا أنني أريد التوقف عند ملاحظتين أرى أنهما جديرتان بالتسجيل وفي غاية الأهمية: الملاحظة الأولى: تتعلق بهذه المبالغ الضخمة التي كان يحصل عليها ذاك النكرة من الشركة التي كان يعمل بها في المملكة، ألا يوجد بين السعوديين مئات بل آلاف ممن باستطاعتهم القيام بدور ذاك النكرة أفضل مما كان يقوم به آلاف المرات؟ الجواب بلى يوجد الكثير والكثير. إذن ما هو السبب في تعيين مثل هذا النكرة ومن على شاكلته من جنسيته في تلك الوظائف القيادية في كثير من شركاتنا ومؤسساتنا الوطنية وحصولهم على مبالغ طائلة؟. أما الملاحظة الثانية فهي ذكره لمعشوقه حسن نصر اللات، فهلا جلس ذاك النكرة في بيت أبيه وأمه يُسبح بحمد معشوقه وسيده نصر اللات، كي يرسل إليه ما يحتاج من مال!. لذا ينبغي أن يكون لوزارة العمل دور كبير في هذا الشأن، وأن تصدر من اللوائح والتعليمات ما يحول دون حدوث هذا الأمر مرة ثانية، حيث ينبغي ألا يُسمح بتولي القيادات الكبرى في الشركات والمؤسسات سوى للسعودي، إلا إذا كنا بحاجة إلى كفاءة نادرة لا تتوافر إلا في شخص أجنبي. أما أن يكون هذا هو حال شركاتنا ومؤسساتنا فهو أمر يدعو إلى الأسف والأسى. وعلى ضوء ذلك لابد من مراجعة جميع ملفات العاملين الذين يحصلون على رواتب ومزايا ضخمة من أصحاب تلك الجنسية، بما في ذلك تحويلاتهم المصرفية، وأن يكون هناك ضابط لها ومراقبة عليها. حفظ الله المملكة وشعبها من كل مكروه وسوء تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وعاشت أبيّةً شامخةً إلى يوم الدين.