أشاد عدد من المهتمين في المجال الحقوقي بسرعة الجهات المختصة في ضبط ومحاسبة المتورطين في حالات التحرش التي تم تداولها مؤخراً، مؤكّدين على أن سرعة القبض وتطبيق النظام بحقهم يعد رادعاً قوياً يحد من تكرار تلك الوقائع المؤسفة، كما طالبوا بأن تنفذ العقوبات القضائية التي تصدر بشأن المتحرش بشكل علني حتى يحصل بها الردع الذي صدرت من أجل تحقيقه. التشهير بالمتحرش وأوضح المستشار القانوني د. عبدالعزيز الشبرمي أنّ التحرش سلوك مرضي ينبع من شخص ضعيف الوازع الديني قليل المروءة سيئ التفكير، كما أنه غير مبال في العواقب الوخيمة، مضيفاً: "قبل وجود نظام جديد يجرم التحرش بين الجنسين هناك النصوص الشرعية، التي تحرم وتجرم كل إيذاء وخصوصاً الإيذاء الجنسي لأي طرف كان، وتشتد الحرمة كلما كان المجني عليه ضعيفاً، أو كان هناك اغتصاب وهتك للعرض، أو ترويع للآمنين، إذ تصل العقوبة إلى القتل، وربما الصلب، كما هو معروف في الشريعة الإسلامية بحد الحرابة، وهو الاعتداء على المال أو العرض بالقوة، ورغم ذلك كله إلاّ أنّ هناك أسبابا تجعل حالات التحرش تزداد رغم وجود النصوص الشرعية والأنظمة والقوانين الزاجرة للمتحرشين". وأشار إلى أنّ العقوبات القضائية التي تصدر بشأن التحرش لا تنفذ بشكل علني حتى يحصل بها الردع الذي صدرت من أجل تحقيقه، ولهذا فإن النصوص الشرعية والقانونية لا تزال غير معظمة ولا مستوعبة بالشكل المطلوب في قلوب من يقدم على التحرش بالطرف الآخر مما جعلها نصوصاً حرفية بعيدة عن التطبيق في نفوس المتحرشين. وأضاف هناك إشكالية في مسألة إثبات التحرش تتمثل بتجريم تصوير الآخرين ومنها حالات التحرش لا سيما إذا اقترن ذلك بنشرها للغير لتكون جريمة معلوماتية بحد ذاتها، ويعالج ذلك بتكثيف جهات الضبط الجنائي، ونشر شرطة متخصصة في المحافظة على الآداب العامة والتزام السلوك المنضبط وتقييد الحرية المنفلتة لتتوافق مع حريات الآخرين واحترام خصوصياتهم. أهمية التربية والتوعية ورأى المحامي ماجد قاروب أن وجود القوانين والعقوبات لا يعني انتهاء وانعدام ارتكاب المخالفات والجرائم، مضيفاً أنّ موضوع التحرش موضوع معقد وله إشكاليات لا تتعلق بالثقافة الحقوقية فقط ولكن بالتربية والسلوك المجتمعي العام، وخصوصا في بيئات العمل المختلطة أو مراكز التجمعات الأسرية في الأسواق والمراكز التجارية الكبرى، ولذلك من الواجب الأساسي على الوالدين إعداد الأبناء ليكونوا عنصرا سويا وسليما بالمجتمع، وأيضاً توعيتهم بمخاطر تلك الجرائم وذكر عقوباتها التي تشمل السجن والغرامات المالية الكبيرة وتحذيرهم من لحظات طيش صغيرة، ولكنها تؤدي إلى ضياع المستقبل وتسجل سابقة خطيرة في سجله الأمني عندما يكون محكوما عليه بقضية لجريمة مخلة بالآداب، مطالباً الإعلام والجامعات والمدارس بتسليط الضوء على هذه الظاهرة، ومخاطبة الشباب والشابات وتوعيتهم بالبعد عن السلوكيات الطائشة. التشهير لا يردع وأكد قاروب على أهمية التبليغ عن المتحرش فالنظام راعى هذه الجزئية وأوجب العقوبة على كل من يرتكب المخالفة، كما أوجب كل من يعلم بالجريمة أن يقوم بالتبليغ عنها، ولم يشترط إنفاذ العقوبة على المتحرش في حال صمتت الضحية عن التبليغ، فكل من شاهد هذه الواقعة عليه الإبلاغ؛ لذلك ننصح أي شخص تعرض للتحرش باتخاذ الإجراء القانوني والسريع والضروري؛ لحماية نفسه وحماية المجتمع من هذه السلوكيات الخاطئة، التي تعطل الأمن والاستقرار الاجتماعي، وعلى المجتمع المبادرة بالتبليغ عن أي مخالفة في هذا الإطار. وأكد أنه لا يوجد مبرر قوي للتشهير بالمتحرش وهو ليس عقوبة منصوص عليها في النظام، والتشهير بالمتحرشين ليس طلباً إيجابياً وغير مقبول، والدليل على ذلك تكرار الجريمة رغم انتشار مقاطع التحرش، معتبراً أنّ المهم أنّ يكون هناك إعلام عن وجود رادع قانوني وممارسة قضائية حقيقية تجاه كل من يقوم بفعل التحرش من الجنسين في كل المواقع سواء العمل أو الأماكن العامة؛ مما سيساهم في حماية كل مواطن ومقيم، موضحا بأنه وبرغم وجود عقوبة التشهير في جرائم ومخالفات كالمنافسة والتستر التجاري إلا أن هذه الجرائم ترتكب ولم تمنع من ارتكابها فالتشدد والتغليظ في بعض العقوبات لا يؤدي إلى منع ارتكاب الجرائم والمخالفات. مسؤولية المرأة وقالت المحامية بيان زهران: إن المرأة مسؤولة عن الدفاع عن نفسها وعن المرأة بشكل عام في هذا المجتمع في حال تعرضت للتحرش؛ لأن سكوتها عن المتحرش سيجعله في مأمن عن العقوبة وسيكرر هذا الفعل مع فتيات ونساء أخريات، وقالت: يجب أن تعي المرأة أن النظام كفل لها الحماية وسن العقوبات الرادعة والتعامل مع الحالة بسرية تامة دون أن تتعرض وأسرتها للإحراج، وأصبح هناك نظام مقنن يحدد العقوبات وآلية التعامل مع جريمة التحرش وأصبح تلقي البلاغات واستقبالها والتعامل معها مرنا. التوعية وبرامج التواصل وأضافت أن دور المحاميات والمحامين في التوعية فعال وذلك وفق برامج التواصل الاجتماعي لشرح الأنظمة وتبسيطها حتى تسهل على طبقات المجتمع فهمها لافتة أن الفتاة تستطيع تثقيف نفسها في هذا المجال حتى تستطيع أخذ حقها من المتحرش، وأن للأسرة والمؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها دورها في التوعية، مؤكدة على أهمية أن تدرج ضمن المناهج التعليمية مادة تدرس في التوعية لحماية الفتيات لتعرف حقوقها وواجباتها من مصدر موثوق حتى تكون خريطة طريق حياتها واضحة المعالم. وأشارت إلى أن التشهير بالمتحرش ونشر ما تم تصويره من ممارسة للتحرش في مواقع التواصل الاجتماعي غير صحيح قانونياً، فالنظام أتاح لضحية التحرش إجراءات معينة ويمكنها رفع ما تم توثيقه من صور أو مقاطع فيديو للجهات المختصة ولم يأذن لها بالتشهير بالآخرين، بل إن نظام الجرائم المعلوماتية منع التشهير حافظا على الخصوصية ولكن بعد صدور الحكم القضائي إذا تضمن التشهير بإدانة المتحرش فيتم ذلك. د. عبدالعزيز الشبرمي المحامي ماجد القاروب بيان زهران