منذ الثاني عشر من أبريل الماضي، ويتردد بقوة اسم الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي ترأس المجلس العسكري الانتقالي، حيث تولى الرجل الذي بقي بعيدا عن الأضواء طيلة مسيرته مسؤولية كبرى في مرحلة انتقالية حرجة ومهمة يمر بها السودان الشقيق ويتابعها العالم بدقة. الجندي المتمرس الذي لا يتبع أي توجهات سياسية كما يصفه العسكريون السودانيون، ولد في العام 1960م شمال الخرطوم ودرس في الكلية الحربية بالعاصمة السودانية، ثم استكمل دراسته في مصر والأردن. التحق بالقوات المسلحة في الدفعة 31، وعمل برتبة مقدم في وسط دارفور، وخاض عمليات كثيرة في جنوب السودان وغربه حين كان ضابطا في سلاح المشاة، وعمل أيضا ملحقا عسكريا للسودان في الصين، كما شغل منصب قائد قوات حرس الحدود في عام 2013 عندما كان برتبة لواء ركن، ثم تولي مهمة قائد سلاح البر، وفي العام 2015م كُلِّف بالإشراف على الجنود السودانيين المشاركين ضمن قوات التحالف العربي باليمن، إلى أن قام البشير في فبراير الماضي بترقيته من رتبة الفريق الركن إلى رتبة الفريق أول، وعينه مفتشاً عاماً للقوات المسلحة تزامنا مع اشتعال الحراك الشعبي ضد حكمه. وبعد الإطاحة بالرئيس البشير، وفي خضم الأحداث واستمرار التظاهرات الشعبية وإصرار الشعب السوداني على التغيير، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عوض بن عوف، تنحيه عن منصبه، وتولي الفريق عبدالفتاح البرهان خلفاً له في منصبه، ورحبت المعارضة السودانية بقرار تنحي بن عوف وتعيين البرهان خلفاً له. وفي أولى قراراته بعد تعيينه رئيسا للمجلس العسكري بالسودان، أعلن البرهان، أنه سيتم تشكيل مجلس عسكري وحكومة مدنية متفق عليها بالتشاور مع القوى السياسية، لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة، وإلغاء قرار حظر التجوال في البلاد وإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية التظاهرات فورا، مؤكدا في الوقت ذاته استمرار الفترة الانتقالية مدة عامين كحد أقصى. وكان للبرهان موقفا واضحاً تجاه الحزب الحاكم في عهد البشير "المؤتمر الوطني"، حيث أكد أن الدعوة مفتوحة إلى الحوار لكل أطياف المجتمع السوداني، مطالبا الأحزاب والمواطنين المساعدة في إعادة الحياة الطبيعية إلى البلاد، لكنه أعلن أنه تم الاتفاق على أن المؤتمر الوطني لن يكون جزء من المرحلة الانتقالية، عدا ذلك يجب إشراك الجميع. كشف البرهان، أن الرئيس السوداني المعزول عمر البشير كان يريد استخدام القوة لفض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، مشددا على أن احتقان المشهد السياسي دفع القوات المسلحة لاتخاذ هذه الخطوة بأن تتدخل لوضع حد لمعاناة المواطنين. وأصدر البرهان، أول من أمس الثلاثاء، عددا من القرارات جرى بموجبها إعفاء عددا من المسؤولين البارزين في البلاد من مناصبهم، فيما تم وضع المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات، صلاح قوش، قيد الإقامة الجبرية. كما أن البرهان فور توليه منصبه، وجه الشكر للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات على مد يد العون إلى السودان، وأكد أن وقفتهما كان لها تأثيرا كبيرا في هذه المرحلة، وأن «السعودية والإمارات هما الأقرب وعلاقة السودان بهما سوف تسير نحو الأفضل وهذا ليس إطراءً». وبحسب تقارير صحفية فإن البرهان عاش الفترة الأخيرة متنقلا ما بين دولتي "اليمن، والإمارات"، وأن من الواضح للجميع أن أكثر ما يميزه عن باقي رجال البشير إنه غير مطلوب على ذمة أية قضايا من قبل المحكمة الجنائية الدولية.