تؤكد الأبحاث العالمية أن تأثير الرياضة على التعليم لا حدود له، وأن الرياضة المدرسية غالباً ما تكون الفرصة الأولى للطلاب للتعرف على فوائد المشاركة في الأنشطة البدنية وتطوير معرفتهم الأساسية، فإذا كانت هذه التجربة والمعرفة إيجابية وممتعة فإنها تسهم في إزالة العوائق أمام المشاركة في الرياضة خارج أوقات الدراسة، وفي الارتقاء بجودة الحياة وبناء جيل مدرك لأهمية ممارسة الرياضة والحاجة إلى اعتمادها كأسلوب حياة نشط. تعد الرياضة مصدر اعتزاز وطني، حيث تولد مشاعر الفخر والاعتزاز عند تحقيق الفوز، وكذلك تعزز الهوية الوطنية. لهذا، تبذل حكومة المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة لرعاية الشباب واستثمار طاقاتهم وتوجيههم بالصورة الأمثل، باعتبارهم أساس النهضة والتقدم في المجتمع وبناة للمستقبل. كما تسعى الجهات الحكومية المختصة لبناء وتطوير منظومة رياضية تعليمية متكاملة وعلى مستوى عالٍ، بحيث يكون للتربية البدنية وممارسة الأنشطة البدنية والرياضية دور رئيس في تكوين الشباب وتنشئتهم وتوفير مسارات صحية ورياضية بما يلبي احتياجاتهم. نلمس رغبة شديدة لدى المجتمع السعودي ككل للارتقاء بمستويات الأداء الرياضي في البطولات المحلية والمحافل العالمية. فقد أصبح السعوديون يتطلعون إلى تحقيق إنجازات أكبر في جميع المجالات. وتشكل هذه الرغبة دافعاً قوياً لتوحيد جهود كافة الجهات والقطاعات المعنية في المملكة، والعمل على الاستفادة من أفضل التجارب العالمية الناجحة في مجال إعداد وتطوير الرياضيين والتفوق في المسارين التعليمي والرياضي على حد سواء. تتعدى الرياضة مجرد كونها تدريباً ومنافسات، فقد أصبحت علماً وصناعة واقتصاداً، ورأس المال هم الرياضيون، لهذا نجد أن الدول المتقدمة رياضياً هي أكثر اهتماماً بتعليم الرياضيين وتدريبهم وخلق مسارات أكاديمية تُعنى بكافة الجوانب لتوعيتهم وتثقيفهم، بهدف بناء جيل واع ومبدع ومتفوق رياضياً وناضج فكرياً وأكثر انضباطاً والتزاماً. ولعل المعاناة الأكبر التي تواجه الرياضيين الشباب في مرحلة الدراسة هي في محاولة تحقيق الموازنة وتوزيع الوقت بين الدراسة والتدريب والاستذكار والمنافسات، وغالباً ما يترتب على ذلك عدم توفر الوقت الكافي لاستكمال الواجبات المنزلية والراحة والتعافي والنوم؛ مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الأداء سواء في الدراسة أو التدريب أو قد يؤثر ذلك على الصحة المثالية للرياضي. لهذه الأسباب كان توجه دول العالم المتقدم رياضياً نحو العمل على تصميم نموذج المدارس الرياضية المتخصصة التي تدعم الشباب الرياضيين من ذوي الأداء المميز في سن باكرة، وتلبي احتياجاتهم وتساهم في تخفيف الضغوط التي يتعرضون لها وتمنحهم الفرصة لتحقيق الموازنة بين مختلف نواحي حياتهم وتنظيم أوقاتهم خلال أيام الأسبوع الدراسي في الفترات الصباحية والمسائية وبعد الظهيرة وخلال العطلات الأسبوعية. لقد أظهرت الدراسات والأبحاث، التي قدمتها الاستراتيجية الوطنية لتطوير الرياضة المدرسية في المملكة، بشأن سبل الارتقاء بمستوى الرياضة المدرسية وزيادة عدد المشاركين والممارسين في سن باكرة، وتحقيق التفوق على المستوى الإقليمي والدولي، أن المملكة بحاجة إلى ما بين 8 إلى 12 مدرسة رياضية متعددة ووحيدة التخصص تتسع كل منها إلى ما بين 500 إلى 700 طالب. وتماشياً مع التوجه العالمي في هذا المجال، سوف تساهم «القدية» أحد المشروعات المستقبلية الكبرى تحت مظلة رؤية المملكة 2030، في تزويد الشباب السعودي بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات عالم متقدم وسريع النمو في كافة المجالات ومنها الرياضية. وبناءً على الدراسات التي قام بها المشروع، بهدف تحقيق الاستفادة المثلى من الخبرات الدولية ومن أفضل التجارب والممارسات العالمية في مجال التعليم والتدريب والنظم الرياضية المدرسية، تعمل القدية بالتعاون مع أفضل المدارس والمعاهد الرياضية العالمية المتخصصة والمتفوقة في المسار الأكاديمي والرياضي، على توفير أفضل البرامج وأكثرها تطوراً لدعم المواهب المحلية. وتحقيقاً لتلك الأهداف والمساعي، تعتزم «القدية» إطلاق أول مدرسة رياضية داخلية متخصصة في المملكة من شأنها أن تقدم برنامجاً تعليمياً استثنائياً شاملاً، يشكل قاعدة صلبة ومنطلقاً لمسيرة التطور المستمر في كل من المسارين؛ التعليمي والرياضي، ويمكّن كل طالب من تجربة وممارسة رياضات مختلفة والحصول على فرص تدريبية متقدمة وتحقيق التفوق والريادة داخل وخارج الفصول الدراسية، بحيث يتخرج الطلاب من المدرسة كأفراد ملهمين ومؤثرين ومنجزين، تماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تحقيق الريادة في مختلف المجالات والارتقاء بمستوى الأداء الرياضي في كافة المشاركات والمحافل الدولية، وإلى بناء مجتمع حيوي ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن وصحي.