حين نرى نعم الله تعالى وفضله على بعض العباد، وتقلب الكثير منهم في رزقه وماله، ثم نقارن آمالنا أمام أموالهم، وإعسارنا أمام إسرافهم واستغنائهم، وتبدأ النفس المحتاجة فينا بالتساؤل والتذمر، لِمَ لم نؤتَ ما أوتي فلان ولم نُعْطَ ما أعطيت فلانة، فتتوالى الهواجس ويظلّ هذا التفكير هو حديث النفس في اليقظة، وكوابيس المنام!. ثم نبدأ باستصغار النعم وتقللِ الرّزق دون أن نفطن أن الرزق ليس مالًا فقط!، فالعافية رزق وهي نعمة قد كفانا الله بها مواعيد المستشفيات ومصاريفها، ورحلات السفر للعلاج وتكلفتها، قد حُرمَ منها المرضى من الأغنياء وأنفقوا لاستعادتها الملايين التي لا نملكها، فعادلت تلك الملايين عافيتنا وصحتنا. ودّوا أولئك لو أنهم فقراء على كونهم معلولين معاقين فارقتهم العافية، وفقدوا التلذذ بالنعم التي هم فيها. والولد أيضاً رزق وُهبَ لك وحُرم منه آخر، قد وُهبت له الدنيا بكل ما فيها، وهو الذي سيدفع بكل ذلك من أجل أن يرى بعضاً منه يمشي على الأرض ويعمرها ويُبقى له نسلًا وذكرًا. ثم تأمل المصائب من حولك وما يتخطف الناس ويتجاوزك، سلمت من البلاء والفجيعة، والحروب والكوارث، فبتّ آمنًا في أهلك لا فاقدًا ولا مفقودًا، هذا الاطمئنان والأمان تدفع الأمم من أجله الأموال والأنفس، وقد كان لك ولم يكن لغيرك! تفكّر الآن.. وابدأ بحساب كلّ النعم التي أنعم الله بها عليك وستدرك أن الله لا يظلم الناس شيئًا، آتاك ما لم يؤت غيرك، ووهبهم ما سيعوضك عنه في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معًا، فكلّ شيء عنده بقدرٍ ومقدارٍ وحكمة. اذكر ربك واشكره، وادعه واستغفره، وانتظر لطفه وفرجه وكرمه ونعمائه. قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).