إذاً، كل ما بيد المسلم في هذه الدنيا هو من رزق الله له في هذه الحياة، أموال وبنين، بيوت ودور، مزارع وقصور وسيارات وعقارات وعلم وصحة وعافية وأرصدة مالية، كلها وغيرها من تمام رزق الله لعبده في الدنيا. إن الرزق يُجرىَ للعبد، ليستعين به على طاعة ربه وإعمار الأرض التي هو مستخلف فيها، طلب الرزق بالتجارة أولى من طلبه بإيجار نفسه للعمل. روى عمار قال: قلت لأبي عبدالله: الرجل يتجر وإن هو آجر نفسه أعطي أكثر مما يعطى في تجارته، قال: لا يؤاجر نفسه، ولكن يسترزق الله عزّ وجلّ ويتجر، فاذا آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق. وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله قال: شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الحرفة، فقال: انظر بيوعا فاشترها ثم بعها، فما ربحت فيه فألزمه. وروى السدير الصيرفي قال: قلت لأبي عبدالله أي شيء على الرجل في طلب الرزق؟ قال: يا سدير اذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك تتمة ينبغي لطالب التجارة أن يعتد أمورا: (أ) التفقه، فإن رجلا قال لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يا أمير المؤمنين إني أردت التجارة فقال: أفقهت في دين الله؟ الاستغفار والتوبة، نعم، التوبة والاستغفار، قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً . (نوح:10-12)، قال القرطبي رحمه الله: «هذه الآية دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار»، وقال ابن كثير رحمه الله: «أي إذا تبتم واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم) ومن أسباب الرزق ومفاتيحه، الإحسان إلى الضعفاء والفقراء. وبذل العون لهم، فهذا سبب في زيادة الرزق وهو أحد مفاتيحه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) رواه البخاري من مستجلبات الرزق المهاجرة في سبيل الله، والسعي في أرض الله الواسعة، فما أغلق دونك هنا، قد يفتح لك هناك، وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً . (النساء 100) ومن أسباب الرزق التقوى قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ . التوكل على الله قال الرسول: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم..) رواه أحمد والترمذي :المتابعة بين الحج والعمرة قال الرسول: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب) سنن الترمذي الإنفاق في سبيل الله يقول الإمام الشافعي رحمه الله: توكلت في رزقي على خالقي ... وأيقنت أن الله لا شك رازقي وما يكن في رزقي فليس يفوتني ... ولو كان في قاع البحار العوامق ففي أي شيء تذهب النفس حسرة..... وقد قسم الرحمن رزق الخلائق فما بال الناس الآن يتقاتلون ويستميتون بشتى الوسائل المختلفة على عُشر التجارة ويتركون تسعة إعشارها دون بحث وسعي فنجدهم يتزاحمون ويتنافسون على الوظائف في القطاع العام والقطاع الخاص ويتركون دون بحث وسعي تسعة أعشار التجارة في عدة مجالات مختلفة قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (الملك 15). فنحن اليوم نشاهد في هذه البلاد المباركة أكثر من تسعة ملايين وافد أغلبهم غير مؤهل علمياً والبعض الآخر أمي يسعون لكسب المال في شتى الحرف والمهن وانواع التجارة ، فتجد أن تحويلاتهم تزيد على اكثر من مئة مليار ريال سعودي سنوياً ونسبة البطالة بين هؤلاء الوافدين صفر. سائلا الله الهداية والتوفيق للجميع لصالح أمر الدين والدنيا.