يشهد القطاع الصناعي في المملكة حالياً تحولاً هيكلياً واضحًا وعملية تطور متلاحقة، وهو أحد القطاعات الرئيسة التي يُعتمد عليها في الوقت الراهن لإحداث نقلة نوعية في رؤية المملكة 2030 لتعزيز النهضة الاقتصادية، ودعم استراتيجية الدولة في جعل الصناعة خياراً استراتيجياً، ولتحويل البلاد من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والتكنولوجيا والتصنيع، وصولاً إلى تنويع مصادر الدخل، ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي المحلي إلى 20 % بحلول 1441ه. وفي الوقت الراهن دخل القطاع الصناعي مرحلة انتقالية جديدة، وبما يتواءم مع الاستراتيجية الصناعية التي ستسهم في التنوع الاقتصادي للمملكة وزيادة حجم الصادرات، إلى جانب إدراج قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والتعدين، بالإضافة إلى تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو هدف أساسي لرؤية 2030، بهدف تعزيز مساهمة القطاع الصناعي بشكل عام في الاقتصاد. وتلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الصناعية دورًا حيويًا في هذا التحول من خلال حلولها المبتكرة وقدرتها على التكيف مع الاحتياجات المحلية والعالمية المتغيرة باستمرار، لذلك تتجه السعودية بشكل حيوي وجاد نحو تعزيز تنافسية هذه المنشآت في القطاع الصناعي، وذلك من خلال حزمة من المبادرات والبرامج المقدمة لرواد ورائدات الأعمال، والتي تهدف إلى تطوير أعمال هذه المنشآت، وزيادة فاعليتها في الاقتصاد الوطني. وفي هذا الشأن، دشنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة في برنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية وبالتعاون مع صندوق التنمية الصناعية، مبادرة استراتيجية جديدة تتمثل في إنشاء أول مسرعة أعمال خاصة في المملكة تدعم وتستثمر في المشروعات الصناعية الناشئة، وذلك بهدف دعم المشروعات الصناعية الناشئة ذات الجدوى الاقتصادية، والتي تكون غير مستوفية للشروط والمتطلبات اللازمة للحصول على الدعم المالي والاستشاري من صندوق التنمية الصناعية السعودي. ووفقاً لمبادرة مسرعة المنشآت الصناعية التي تم إنشاءها تحت مظلة مبادرة برنامج بادر لتسريع نمو المشروعات الناشئة لرواد الأعمال وبالتعاون مع الصندوق الصناعي، سيتعاون «بادر» و «التنمية الصناعية» لتسخير موارد دعمهم وخبراتهم لتلك المشروعات، بهدف سد الثغرات والاحتياجات المتفاوتة في المجال الصناعي . وبحسب المبادرة الجديدة، سيخصص «التنمية الصناعية» مساراً خاصاً للمشروعات المقبولة في مسرعة المنشآت الصناعية، يتم من خلاله قبول طلبات القروض استثنائياً قبل استيفاء شرط الملائة المالية لغرض دراستها وتقييم جدواها، وذلك لحين إكمال الإجراءات والمستندات القانونية والحصول على التمويل الاستثماري، والتي سيتم العمل عليها من خلال المسرعة بالتعاون بين برنامج بادر وبين صندوق التنمية الصناعية، في حين سيقدم الصندوق اعتمادات قروض للمشاريع الملتحقة في مسرعة المنشآت الصناعية ذات الجدوى الاقتصادية والتجارية، مشروطة باستيفاء متطلبات ضخ رأس المال وتقديم ضمانات التمويل اللازمة. وضمن المرحلة الأولى من بدء عمل «مسرعة المنشآت الصناعية»، أطلقت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلةً ببرنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية وبالتعاون مع صندوق التنمية الصناعية السعودي، أول معسكر تدريبي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المجال الصناعي بهدف تمكين المشاركين من الحصول على العديد من الخدمات والبرامج لإنجاح مشاريعهم في مرحلة التأسيس من خلال الحصول على التوجيه والتثقيف المكثف حيال كيفية إنشاء المشروعات الصناعية. وفي هذا الخصوص، أكّد الدكتور إبراهيم المعجل، مدير عام صندوق التنمية الصناعية السعودي، على أن الصندوق مُمكّن وداعم لروّاد الأعمال ليمكنهم من النجاح في مشروعاتهم الصناعية لدورهم الرئيس في تحقيق أهداف برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، حيث تجاوزت نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة 80 في المئة من القروض التي اعتمدها الصندوق العام الماضي. وأوضح المعجل ل»الرياض»، أن معسكر المنشآت الصناعية التدريبي يأتي ضمن مبادرة دعم روّاد الأعمال، أحد مسارات برنامج «آفاق» الذي أطلقه الصندوق الصناعي لدعم تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة وروّاد الأعمال، حيث يدعم هذا البرنامج رواد الأعمال الجدد في مختلف القطاعات الصناعية للبدء في مشروعاتهم الصناعية ومساعدتهم في الحصول على تمويل الصندوق والتمويل الاستثماري، وذلك حسب اتفاقية صندوق التنمية الصناعية السعودي مع برنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية، ويقدم الدعم من مرحلة دراسة المشروع وحتى مرحلة التشغيل والإنتاج. في المقابل، قال أحمد القصير، مدير مسرعة المنشآت الصناعية في برنامج بادر لحاضنات ومسرّعات التقنية، أنَّ مسرعة المنشآت الصناعية تعدّ أول مسرعة أعمال في المملكة لتأهيل وتمكين المشروعات الصناعية الناشئة من خلال برنامج مكثف يبدأ بالمعكسر التدريبي، مشيراً إلى أن عدد المشروعات المتقدمة للمعسكر بلغ نحو 300 مشروع من مختلف مناطق المملكة، حيث تأهل منها لدخول المعسكر 60 مشروعاً في قطاعات استراتيجية تمثل التعدين والطاقة والصناعة والخدمات اللوجستية، إضافة إلى القطاعات الصناعية الواعدة. وأضاف: «يعدّ معسكر المنشآت الصناعية التدريبي الذي استمر لمدة أسبوعين متتاليين في العاصمة الرياض، إلزامياً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الصناعية التي ترغب في الانضمام إلى مسرعة المنشآت الصناعية، حيث سيتم بعد الانتهاء من البرنامج الشامل والمجاني في هذا المعسكر، تأهيل المشاريع المختارة للانضمام إلى برنامج مسرعة المنشآت الصناعية، وذلك في حال تلبيتها لعدد من المعايير بما ذلك الجدوى الإقتصادية للمشروع، وأن يكون نطاق المشروع من الصناعات الممولة من صندوق التنمية الصناعية، ووجود فرصة بالسوق المستهدف وميزة تنافسية للمشروع تمكنه من النمو وإضافة قيمة اقتصادية، على أن تكون الأولوية للمشروعات ذات القابلية للتصدير وعلى مستوى عالٍ من الأتمتة». وأكد القصير، على أنه تم تصميم المعسكر التدريبي بهدف التصدي للتحديات التي تواجهها المشروعات الصناعية في مراحلها المبكرة، والتي تتمثل في التخطيط وتأسيس نفسها على أرض الواقع، وذلك من خلال برنامج تأهيلي وتدريبي مكثف ومركز على نماذج لدراسات جدوى المنشآت الصناعية، ومحاضرات وبرامج تدريب وورش عمل، وجلسات إرشادية يومية، والتي قُدمت من قبل مستشاري صندوق التنمية الصناعية السعودي وبرنامج بادر، إلى جانب مشاركة عدد من المتحدثين الذين يمثلون 13 جهة وهيئة حكومية مثل الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، الهيئة العامة للغذاء والدواء، الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والهيئة العامة للاستثمار، الجمارك السعودية، هيئة تنمية الصادرات السعودية، وحدة المحتوى المحلي وتنمية القطاع الخاص، هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، برنامج نساند من سابك والموجه لدعم وتنمية المحتوي المحلي وتطوير الاعمال، إلى جانب غرفة الرياض من خلال مجلس الغرف واللجان الصناعية برنامج مساند للمحتوى المحلي. وشددّ القصير، على أنَّه سيتم تسريع المشروعات الصناعية المتأهلة لمسرعة المنشآت الصناعية على مدى خمسة أشهر ونصف من قبل المسرعة، ودعمها بالعديد من الخدمات الاستشارية والبرامج المكثفة من أجل نجاحها في المراحل الأولى من التأسيس، إذ تشمل تلك الخدمات استكمال دراسات الجدوى، والحصول على التراخيص والتصاريح المطلوبة، التدريب وورش العمل، ومكاتب للعمل، والإرشاد الاستراتيجي، والدعم القانوني، والعديد من الامتيازات والمميزات الأخرى، كما ستعمل المسرعة في الوقت ذاته على مساعدة الشركات في تأمين التمويل المطلوب من خلال المستثمرين أو الجهات الحكومية ذات العلاقة». وبينً أن المسرعة ستقدم تمويلاً أولياً للمشروعات الصناعية الناشئة المقبولة في مرحلة التسريع بمبالغ تصل في سقفها الأعلى إلى 650 ألف ريال، وذلك لتغطية تكاليف ما قبل التشغيل وتكاليف التسويق تسهيلاً للحصول على التمويل الاستثماري وذلك بمساعدة المشروعات في الحصول على استثمارات إضافية لاحقة من خلال شبكة واسعة من المستثمرين المحليين والإقليميين. وأكد القصير، أن برنامج بادر لحاضنات ومسرّعات التقنية وصندوق التنمية الصناعية السعودي يأملان في توسيع نطاق هذه المبادرة الإستراتيجية عبر المدن الرئيسية في المملكة لتنمية المواهب وتشجيع رواد ورائدات الأعمال ليكونوا جزءًا من التحول الصناعي من خلال تأسيس مشروعاتهم الصناعية الخاصة. جانب من معسكر المنشآت الصناعية التدريبي ضمن مبادرة دعم روّاد الأعمال