تُعد بيشة من رياض العرب القديمة بها تغنى الشُّعراء، وتفتقت قرائحهم بذكرها حيث يقول الحارث بن ظالم: وحلَّ النعف من قنون أهلي فحلت روض بِيْشَة فالربابا اكتسبت شهرتها بواديها العريق في تاريخه، والذي يُعد من أطول وأهم أودية شبه جزيرة العرب لكثرة روافده، وأخصبها وأغناها وعن مَرِيع أرضها وكثرة نخلها وزرعها ووفرة مائها وطيب هوائها أوردها الجغرافيون في مُصَنّفاتهم في أغلب العصور الإسلامية المبكرة. تحدث عنها ابن خُردَاذبة، في وصفه للطريق من مكة إلى اليمن، قائلاً: ثم إلى تَبَالة مدينة كبيرة فيها عيون، ثم إلى بيشة بَعَطان كبيرة فيها ماء ظاهر. وقال ابن قُدامه: ومن تبالة إلى بيشة قرية عظيمة كثيرة الأهل في بطن الوادي ظاهرة الماء من عيون وآبار. وقال عنها الحموي: قرية غناء وأحصاها من رياض العرب فقال: روضة بيشة بين مكة واليمن. وقال الهَمْداني: رياض الخيل بتبالة من رياض العرب القديمة. فهي إذن من واحات العرب المشهورة التي تتوفر فيها شروط الحياة المستقرة، قال طُّفَيْل الْغَنَوِيّ: تذكَّرتُ أَحْداجاً بأعلى بُسيطَةٍ وقد رفعوا فى السَّيِر حتّى تمنّعوا تَصَيَّفتْ الأكنافَ أكنافَ (بِيْشَةٍ) فكان لها روضُ الأشَاقِيْصِ مَرْتَعُ وبهذه المزايا الاقتصادية جذبت سُكنى الكثير من أجْذَام قبائل العرب كأنمار وقُضاعة وهَوَازن وغيرهم، كيف لا وقد تجاور فيها الماء والشجر فالقادم إليها أول ما يصافحه النخل الأعمّ الأشمّ، وإن كثيراً من أسماء قُرى بيشة لا زالت حتى اليوم شاهداً من شواهد الأمس، كقرية الجُنينة تصغير جنة، وقرية الخضراء وقرية الصّوْرُ: وهو النَّخلُ الصِّغارُ وقرية عِيْدِان مفرد عيدانه قال الأصمعي: العيدانة: شجرة قديمة لها عروق نافذة إلى الماء صلبة. وقال ابن منظور والعَيدان بالفتح الطِّوالُ من النخل الواحدة عيدانَةٌ، واستشهد بقول ذو الرمة: وإِذْ هُنَّ أَكْتادٌ بِحَوْضَى كأَنما زَها الآلُ عَيْدانَ النخيلِ البَواسقِ