نبارك للجميع حلول شهر رمضان المبارك أعاده الله على وطننا حكومة وشعبا وعلى كافة المسلمين بالخير واليمن والبركات؛ إن في صيام وقيام هذا الشهر الكريم وجبل النفس على الجوع والصبر والتحمل الكثير من الدروس والحكم والفوائد والعبر والعطايا والمزايا والتهذيب للدوافع الفطرية والممارسات السلوكية، والتدريب للنفس البشرية على مقاومة الشهوات وضبط الرغبات والسيطرة على الغرائز؛ فحري بنا كمسلمين الاستفادة مما في هذا الشهر الكريم من خيرات ومنح بالتفكر والتأمل والممارسة. حلول شهر رمضان المبارك وخلافا لما درج عليه الناس في السنوات القريبة الماضية، طغت عليه ظاهرة استقباله بماراثونات محمومة من الإسراف في التسوق والإفراط في الشراء والمبالغة في الاستهلاك لما يزيد على الحاجة من الأصناف المتنوعة من المأكولات والمشروبات والأدوات المنزلية الكمالية، والتي كثير منها يحول عليها الحول دون استخدام، إن لم ينتهِ بها المطاف في مكب النفايات، في ظاهرة تتنافى كلية مع الحكمة من الصيام باعتباره تذكيرا بأن هناك من لم يجد ما يسد به رمق جوعه وظمئه، وهو ما يستوجب إنفاق المال دون تقتير أو تبذير. إن قوة الأمم وارتقاءها في سماء العزة لا يقاس بما يوضع على موائدها من مأكولات، أو بما تبذله من مصروفات ونفقات، وتقتنيه من مقتنيات كمالية متنوعات، وتتباهى به من أصناف مادية مختلفات.. فليس في ذلك شأن يذكر أو يسجل لها؛ ولهذا نقول إن تعاظم الأمم وارتقاءها في سماء العزة لا يكون إلا بالترشيد في الاستهلاك والاقتصاد في الإنفاق وحفظ الموارد، وإن الإسراف في التسوق والإفراط في الشراء والمبالغة في الاستهلاك بكافة صوره وأنماطه عدو لحفظ الثروات والموارد وهو طريق سريع للإفلاس والفقر، وذلك لأن تضييع القليل يجر بالتأكيد إلى تضييع الكثير، أخذا في الاعتبار أن النعم وحفظها وشكرها اختبار لمدى قوة الإيمان، بجانب أنه من المقومات الأساسية لبقاء الأمة وقوتها ونمائها وسعادتها.. فهلا أدركنا أن الشكر لله جل في علاه، يستلزم الترشيد في الإنفاق والاقتصاد في الاستهلاك بتقييد حسن التعامل مع النعم وحفظها قبل أن تزول.