دائماً ما أسأل نفسي في سفرياتي المتواضعة هذا السؤال: ماذا لو لم أكن سعوديا؟ وقبل أن أفكر كثيراً في الإجابة، تنتابني مشاعر مختلطة، أحدها أني لو كنت فعلاً كذلك، فكيف سأسافر إلى هذه الدول بهذا القدر من الثقة كوني قادما من أعظم الدول، فتنظر إلي شعوب الدول الأخرى بتقدير واحترام وربما حسد؛ لما امتلكت من مزايا واهتمام من قبل بلدي. ولن أنسى موقفا حدث معي أثناء جلوسي مع أهلي في أحد القطارات في دولة أجنبية؛ حيث كانت تجلس إلى جوارنا امرأة مسنة بادرتنا بسؤال يبدو أنها تعرف الإجابة عنه مسبقاً: من أين أنتم؟ وبابتسامة ثقة أجبتها: إننا من السعودية، وعلى الفور تحدثت أنها تهتم بمعرفة ثقافة الشعوب والقراءة عنهم، وقالت: أنتم تتميزون بالكثير، وتتطورون سريعاً، وأرى أنكم في المستقبل ستتميزون أكثر، وستكونون وجهة سياحية عالمية، وأتمنى أن يكون لي الحظ لزيارة بلدكم. كانت هذه المرأة المسنة تتكلم بحماس، وأكثر ما أدهشني معرفتها عن أماكن وآثار موجودة لدينا، كما أبدت إعجابها بشخصية الأمير الشاب محمد بن سلمان الذي يقود تطور السعودية. بقي الحديث محفوراً في ذهني لاهتمامها ببلد يبعد عنها آلاف الكيلو مترات، حينها عاد السؤال إلى ذهني مجدداً، وبتأمل وجدت أننا كشعب سعودي نحظى بعديد من النعم التي يتمناها غالبية شعوب العالم إن لم يكن جميعهم، فعلى سبيل المثال: تقدم السعودية خدمات وحماية لملايين المسلمين الذين يتوافدون سنوياً للعمرة أو الحج أو لزيارة المسجد النبوي، كما أنها توفر التدريس مجاناً في الجامعات، التي تنتشر على اتساع مساحتها، إضافة إلى المستشفيات التي تقدم الخدمة المجانية لأبناء الشعب، كما نحظى بأمان لن تجده في أي مكان في العالم، فالجميع هنا يخرجون وفي أي وقت وهم مطمئنون ومن دون خوف ولله الحمد، كما يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على إعانات وخدمات خاصة بهم. حتى العاطلون عن العمل تقدم لهم الدولة راتبا من خلال (حافز) حتى يجدوا الوظائف المناسبة لهم، وغيره كثير الذي لا يمكن لي أن أحصيه في هذا المقال وفي هذا العدد القليل من الكلمات. ومن أجل هذه النعم، نحن في نظر العالم أجمع محسودون على ما تقدمه لنا الحكومة، التي لم تكتف بذلك فحسب، بل كان لها دور كبير في إغاثة الشعوب الفقيرة، وتقديم المساعدات الغذائية والصحية والإعانات المالية، ومن يريد معرفة تفاصيل أكثر فليقرأ عن دور مركز الملك سلمان للإغاثة وما يقدمه لخدمة الإنسانية. بعد هذا كله، أرى أن نقابل ما تمنحه لنا الدولة بأن نستشعر المسؤولية تجاه السعودية، وأن نكون رجال أمن داخل البلد وخير سفراء خارجه، وأن نحافظ على هذه الصورة المتميزة أمام العالم، التي لن تغيرها أو تشوهها دول صغيرة أو عدوة يغيظها ما وصلنا إليه، التي تحاول أن تسيء لنا بإعلامها الساقط، الذي يسقط أكثر بكل كلمة تسيء لنا فيها. أما إجابة عن سؤالي: فماذا لو لم أكن سعودياً؟ فالإجابة بلا شك: لوددت أن أكون سعوديا.