عاودت الولاياتالمتحدة الأميركية تجديد اعتمادها الكبير على الدور السعودي الأزلي في تحقيق الاستقرار والتوازن لسوق النفط العالمي، حيث جاء إعلان الولاياتالمتحدة بعدم تجديد الإعفاءات للدول الثماني الأكبر استيرادا للنفط الإيراني مجسداً لهذه الحقيقة، حيث قال ترمب: «إن المملكة العربية السعودية ستعوض أكثر من الفرق في تدفق النفط في عقوباتنا الكاملة الآن على النفط الإيراني» منتقداً في تغريدة وزير الخارجية الأسبق جون كيري، لقيامه بالاجتماع مع مسؤولين إيرانيين، ووصف ما فعله بأنه غير ملائم ونصيحته كيري ومعاونيه السيئة جداً لقيادة الولاياتالمتحدة إلى صفقة إيران النووية السيئة للغاية. وأكدت المملكة العربية السعودية من جهتها فور إعلان البيت الأبيض أنها ستواصل سياستها التي تبنتها منذ عقود التي تهدف لضمان توفير إمدادات كافية من النفط في السوق العالمي والحفاظ على توازنه، حيث قال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م. خالد الفالح معلقاً على البيان الذي كشف عن دور السعودية والإمارات في سد الفراغ الذي سيخلفه حرمان إيران من تصدير النفط: إن المملكة تتابع عن كثب التطورات الطارئة في سوق الطاقة العالمي وخاصة بعد إعلان الولاياتالمتحدة بعدم تجديد الإعفاءات، مشيراً إلى أن السعودية ستنسق مع الدول الأخرى المنتجة للنفط ونظيراتها المستهلكة من أجل ضمان الحفاظ على توازن أسواق النفط العالمية. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلنت عن استهداف صادرات إيران النفطية لتصل إلى الصفر وذلك بعدم تجديد الإعفاءات الممنوحة لثماني دول تعتمد على النفط الإيراني وهي كل من الصين، واليابان، والهند، وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان والتي منحت استثناءات لظروف اعتمادها الكبير على النفط الإيراني وسمحت لتلك الدول بمشتريات محدودة لمدة ستة أشهر والتي تنتهي اعتبار من 2 مايو القادم، في وقت لن تمنح أميركا إعفاءات من مقاطعة النفط الإيراني لأي دولة تستورد حاليا النفط الخام أو المكثفات من إيران في ظل دعم المملكة ودورها الريادي والقيادي في احتوائها الدائم لمختلف تصدعات وأزمات سوق النفط العالمي. وكشفت وكالة الطاقة الدولية عن انخفاض إنتاج النفط الإيراني إلى أدنى مستوى له منذ أواخر العام 2013 في أعقاب إعلان ترمب للمرة الأولى فرض عقوبات على إيران قبل عام. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في البداية بسبب المخاوف من فقدان الإمدادات من إيران التي كانت آنذاك خامس أكبر منتج للنفط الخام في العالم. واستجابت المملكة العربية السعودية بزيادة الإنتاج إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، ومع ذلك فإن الإدارة الأميركية وخشية من حدوث صدمة نفطية من شأنها أن تشل الاقتصاد، منحت إعفاءات للصين والهند وست دول أخرى، حيث دعم هذا النهج الأكثر ليونة من المتوقع العرض المفرط لأسواق النفط مما ساهم في هبوط سوق النفط الخام بعد إعلان الاستثناءات أواخر العام الماضي. إلا أن البيت الأبيض تدارك هذه الفجوة بإعلان يوم الاثنين أن ترمب قرر أنه لن يعيد إصدار إعفاءات للنفط الإيراني عندما تنتهي صلاحيتها في أوائل مايو، في خطوة تهدف إلى منع النظام الإيراني من الحصول على مصدر النقد الأول، في وقت تعثرت بالفعل صادرات إيران التي بلغت حوالي 1.4 مليون برميل من النفط الخام يوميًا في مارس الماضي بانخفاض بمقدار النصف عن مستويات ما قبل العقوبات ليظل عند أدنى مستوياته منذ نحو ست سنوات. في حين ذكرت وكالة الطاقة أن إيطاليا واليونان وتايوان رغم استثنائها لم تقم بتحميل أي برميل إيراني منذ نوفمبر الماضي، إلا أن الصين واليابان وكوريا وتركيا استوردت كميات أكبر من النفط من إيران أكثر مما سمحت لها الإعفاءات، وعلق مدير المحافظ في شركة «تورتويز» لاستثمار الطاقة مات سالي بأنه من الصعب رؤية الصادرات الإيرانية تذهب إلى الصفر، ولكن من المؤكد أن تخسر نحو نصفها، حيث من غير المرجح أن تتوقف الصين تماماً عن الواردات من إيران.