ترتكز رؤيتنا المباركة 2030 في تحقيق أهدافها على بناء شراكة فاعلة مع القطاع الخاص؛ لذلك فإن تضمنت برامج الرؤية تطوير الشركات المحلية ومن ضمن ذلك تطوير الأسواق المالية وتقوية الشركات وتشجيع زيادة الشركات المدرجة في أسواق المال والتطوير المستمر لأنظمة الرقابة والتشجيع على تطبيق أفضل الممارسات في حوكمة الشركات، وتبعاً لذلك قامت وزارة التجارة والاستثمار بتطوير لائحة حوكمة الشركات المساهمة الصادر بقرار وزير التجارة رقم (44239) بتاريخ 14\8\1439ه التي أكدت فيه على منح الأعضاء المستقلين في أدوار رئيسة في تشكيل مجالس الإدارات وأداء مهامها. فمن حيث العدد نصت المادة السابعة عشر (الفقرة ب) بوضوح أن يكون عدد الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة الثلث فأكثر، ولحساسية دور العضو المستقل تضمنت المادة العشرون من اللائحة ثلاث فقرات تتعلق بعوارض الاستقلال ونصت الفقرة الثالثة من المادة على أمثلة (ليست على سبيل الحصر) لعوارض الاستقلال، كما أفردت اللائحة بعد ذلك مادة مستقلة (المادة الثلاثون) وصفت مهام العضو المستقل وكفلت له وحده حق ترأس لجنة المراجعة ورئاسة لجنة الترشيحات والمكافآت (وفق الفقرة الثانية من المادة الثالثة والخمسين). من خلال التأمل في المواد السابقة يتضح حرص المشرع على أهمية العضو المستقل وتفعيل دوره ويبقى السؤال هل طريقة ترشيح الأعضاء المستقلين في الشركات المدرجة تتماشى مع روح لائحة الحوكمة المشار إلى بعض موادها تساعد في استقطاب أفضل الكفاءات ليكونوا أعضاء مستقلين ويساعد في تفعيل دورهم؟. لا يوجد فرق في عملية الترشح بين الأعضاء المستقلين وغيرهم فالشركة تعلن للمساهمين عن فتح باب الترشح خلال مدة زمنية كافية لاستقبال الطلبات ثم تعرض القائمة على الجمعية، وأصوات المساهمين هي من تحدد الفائزين بمقاعد المجلس سواء من المستقلين أو غيرهم. واقع جمعيات الشركات المساهمة المدرجة أن مشاركة صغار المساهمين ضعيفة وغير فاعلة؛ حتى بعد أن وفرت السوق المالية ووزارة التجارة التصويت التراكمي وإمكانية التصويت الإلكتروني الذي وفر على المساهمين عناء الحضور للجمعيات، صغار المساهمين معظمهم من المستثمرين غير المؤهلين لذلك قد لا يتوفر لدى كثير منهم التأهيل المناسب لاختيار المرشحين المستقلين المناسبين لنشاط الشركة في المرحلة التي تمر فيها، هذه الحالة أدت إلى أن يسيطر على الجمعيات كبار المساهمين وهم في الغالب مجموعات قليلة قادرة على تشكيل غالبية أعضاء المجلس بمن فيهم الأعضاء المستقلون، هذه السيطرة أدت إلى عزوف كثير من المؤهلين للترشح لمقاعد مجالس الإدارات كأعضاء مستقلين؛ وصار بعضهم يلجأ إلى التواصل مع كبار المساهمين والاتفاق معهم على الترشح وفي حال أعطوهم الضوء الأخضر بدعمه بالأصوات اللازمة في حال ترشحه، وفي حالات أخرى يبادر كبار المساهمين في التواصل مع الأعضاء المحتملين ليحثوهم على الترشح؛ وفي كلتا الحالتين فإن الأعضاء المستقلين ستتولد لديهم –شئنا أم أبينا– حالة من الولاء لمن دعموا ترشحهم، حالة الولاء هذه قد لاتؤثر في إبداء العضو المستقل لرأيه حيال الموضوعات التي لا تمس مصالح الأطراف التي رجحت العضو لكنها ربما تؤثر على موقفه عندما تتعارض مصلحة هذه المجموعات إذا صوت العضو على أمر لا يتفق مع أجندتهم. سيظل لكبار المساهمين تأثيرهم على مفاصل تشكيل مجالس الإدارات لكن بالإمكان تطوير نظم الحوكمة بتشجيع ممارسات جديدة تمنع أو تضعف تأسيس رابطة ولاء بين الأعضاء المستقلين وكبار المساهمين على نحو يؤثر على استقلالية العضو المستقل وممارسته لدوره على أكمل وجه.