يأتي إعلان تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في المملكة العربية السعودية بوصفها مهد العروبة والإسلام وجديرة بذلك وأولى من الدول الأخرى التي بادرت بإنشاء مجامع علميَّة للغة. وكون أرضها مصدر اللغة العربية الفصحى، وهي الآلة الرئيسة لنشر الإسلام، والمرجع الأساس فيها، ولتكتمل به حلقة المجامع اللغوية المنتشرة في بعض أقطار العالم العربي ويسهم مع نظرائه من المجامع اللغوية في تحقيق الأهداف النبيلة المنوطة بها. ومن المتوقع أن يكون على رأس مهام مجمع الملك سلمان بيان أهمية اللغة العربية، ومكانتها في الإسلام، وحمايتها وحراستها، والتصدي لما تتعرض له من تحديات وهجمات شرسة هدفها التقليل من شأنها والحد من انتشارها، وتشويهها والتشكيك في صلاحيتها للتعبير عن مستجدات العصر، والحيلولة دون تحريفها، والوقوف دون زحف العامية، وما لها من تحدٍّ ظاهر للفصحى، بالإضافة إلى تصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب، وتعريب الألفاظ والمصطلحات الجديدة في العلوم والآداب والفنون والصناعات التي لم يسبق وضع ألفاظ ومصطلحات لها، ودراسة كل ما له صلة باللغة العربية من اللهجات، والبحث في أصولها، والحكم عليها قبولاً أو رفضاً استناداً إلى الضوابط والأصول اللغوية المعروفة لدى أهل الاختصاص، وكذا تقديم الرأي والمشورة العلمية في كل ما يتعلق بها، إلى غير ذلك من الأهداف والغايات النبيلة. يُشار إلى أن الدول العربية التي احتضنت مجامع اللغة العربية هي أربع فقط، القاهرة، العراق، دمشق، والأردن، بالإضافة إلى اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في القاهرة، والاتحاد العلمي العربي، ومكتب تنسيق التعريب في الرباط. وبين الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الدكتور عبدالله الوشمي أن الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حسم خياره مبكراً، وجعل «العربية» هي الوصف الأول للمملكة، ثم تواتر بعده ملوك هذه البلاد - رحمهم الله - إلى أن جاء عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - بمجموعة كبيرة جداً من المبادرات والرؤى الحضارية والنهضوية التي تجلى سقفها الأعلى في رؤية 2030 على لسان صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله -، وجاءت مبادرات الوزارات عامة تمثيلاً عميقاً لمتطلبات المرحلة والرؤية الاستراتيجية. الوشمي لفت في حديثه إلى أن تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يمثل الروح الحقيقية لبلادنا الغالية التي ينص نظامها الأساسي في مادته الأولى على أن لغتها العربية، وأن خادم الحرمين الشريفين يؤكد دائماً على أن «العربية» مسؤولية وليست تشريفاً فحسب، وأوضح الوشمي أن الأنظمة والتوجيهات والقرارات والأوامر والتعميمات في المملكة تواترت على تأكيد منزلة اللغة العربية، واستطرد: إن حلم اللغويين السعوديين وما يتطلع إليه محبو العربية أن تتولى بلادنا الغالية قيادة الشأن اللغوي وتمكين اللغة العربية في العالم. ونحن نعلم أن المجامع اللغوية تنتشر في أغلب البلدان العربية، وأما المملكة فإنها أطلقت في هذا السياق مجموعة كبيرة جداً من المؤسسات الوطنية والدولية لخدمة اللغة العربية. مختماً حديثه بقوله: «مخرجات ومنجزات مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية جاهزة لمساندة أعمال هذا المجمع ودعم رؤاه وما نتكامل فيه في تحقيق أهدافنا الوطنية العامة».