لا تخشى الموت، مهما حلك سواده وتعددت أسبابه، فعندما يغشاها ويتمكن منها، تموت لكنها واقفة شامخة، غير منكسرة أو منحنية، هكذا هي الأشجار يا سادة، خضراء باسقة، شكلها يسر الناظرين، وظلالها ملاذ للمشردين، ولحاؤها مرسم للعاشقين، وجذورها الضاربة ديمومة على استمرار الحياة، وعندما نقسو عليها، ونرميها بالحجر، تعطينا ثمراً طرياً، إنها قصة عشق خالدة بين الإنسان والطبيعة، عبر الحضارات الإنسانية، منذ فجر الخليقة، حتى إن الشجرة باتت رمزاً للعديد من البلدان والشعوب، لدرجة أنها أصبحت يوماً وطنياً، تحتفل به الشعوب، لأن كثافة الأشجار مقياس على تقدم وتحضر هذه الشعوب، فالأشجار لا تغرسها إلا الأيادي المباركة، والنفوس الطيبة، لأن الخضرة تبعث الهدوء والطمأنينة، عكس الصحراء المشهورة بالصلابة والصلادة، ولهذا فإن زراعة الصحراء بالشجر هو كسر لقسوتها وخشونتها، ولأن كثافة الأشجار واتساع الرقعة الخضراء مطلب حضاري، فقد أعلن من خلال المشروع الاستثنائي والطموح، الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، بإنشاء أربعة مشروعات كبرى بالرياض، تقدر تكلفتها ب86 مليار ريال، كما وجّه خادم الحرمين الشريفين على مشروع المسار الرياضي، أحد مشروعات مدينة الرياض الكبرى، بتسمية الطريق الرابط بين طريق الملك خالد غرباً، وطريق الجنادرية شرقاً، باسم طريق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، ويبلغ طول المسار الرياضي 30 كم، وسيقام على المسار الرياضي عدة مسارات: مسار للمشاة، ومسار لركوب الدراجات الهوائية، ومسار لركوب الخيل، بالإضافة إلى مضاعفة المساحات الخضراء، أي مضاعفة نصيب الفرد بمدينة الرياض 16 مرة عما كان عليه سابقاً، بالإضافة إلى زراعة 7 ملايين شجرة، وإنشاء أكبر حدائق المدن بالعالم، تشجير مدينة الرياض فهو مشروع استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة؛ لأنه سيغير شكل وروح المكان، وسيحول الفضاءات داخل المدينة إلى مسطحات خضراء، إنه مشروع ثقافي ونفسي وحضاري بامتياز، وسيتغير شكل وفضاء مدينة الرياض إلى مدينة خضراء أنيقة، من أجل رفاهية وصحة الإنسان، لأن هذه المشروعات من شأنها أن تحسن نفسية الفرد وتطلق ملكاته الكامنة، ذلك ثمرة من ثمرات الرؤية، فشكراً لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.