العمل الإرهابي في نيوزيلندا، الذي نفذ داخل مسجدين ضد مسلمين أبرياء أثناء فترة صلاة الجمعة، الذي حصيلته 50 قتيلا وعدد من الجرحى، وضحية أخرى في أحد الشوارع القريبة محجبة فرغ الإرهابي رشاشه بطريقة بشعة على جسدها، ولم يكتف بذلك بل قام بدهسها بالسيارة عدة مرات. وتمت هذه المجزرة الدموية في مدينة كرايست تشيرش على يد مواطن أسترالي ألقي القبض عليه لاحقا من قبل السلطات الأمنية النيوزيلندية وكذلك أربعة آخرون ذوو صلة بالجريمة، التي تعد أخطر عمل إرهابي في العالم منذ بداية العام، وتأكيدا للعالم أجمع أن الإرهاب لا دين له، فقد يتبناه اليهودي أو المسلم حتى المسيحي كحادثة مسجدي نيوزيلندا. وحتى لحظة إعداد هذه المقالة لم يصدر بيان رسمي من الجهات الأمنية النيوزيلندية، وهذا الحدث يثير علامات استغراب عندما نعلم أن الإرهابي منفذ الجريمة لم يخطط لهذا العمل في الخفاء، بل نشر عدة مشاركات عنصرية وآراء متطرفة وعبارات عدائية ضد الإسلام والمسلمين، نشرت علناً في مواقع التواصل الاجتماعي في تويتر وإنستجرام وفيسبوك خصوصاً، لدرجة أن وصل به الوضع إلى التصريح في بيان يكشف نواياه وعزمه على تنفيذ عمل ضدهم في الوقت والمكان المناسبين. وجاءت ساعة تنفيذ ما وعد وهدد به، وجهز مجموعة أسلحة بذخائرها، وثبت عبوة ناسفة بسيارته، ومن ثم قام ببث لقطات حية من الهجوم الذي نفذه وصوره كاملاً بكاميرا مثبتة على الرأس، وأظهرت اللقطات لحظات إطلاق النار عشوائيا من قبل الإرهابي الأسترالي بكل قسوة وبقلب مشحون بالغل والتطرف والكراهية وبدوافع عدوانية دينية على رجال ونساء وأطفال أبرياء من مسافة قريبة داخل مسجد النور. ورغم أن الجهات الأمنية دعت الجمهور إلى عدم نشر وتبادل مقاطع الفيديو «المفجعة» على الإنترنت، إلا أن مئات الملايين روجتها حول العالم. وبعد فوات الأوان، قال «فيسبوك» إنه أزال حسابات المسلح على «فيسبوك» و»إنستجرام»، وإنه يعمل على إزالة أي نسخ من اللقطات الدموية، إلا أن «فيسبوك» تتحمل جزءا من المسؤولية، وهذا العمل الإرهابي يجعلها تحت طائلة الجرائم المعلوماتية، وهذا الحدث يجب ألا يترك من دون تحقيق تفصيلي مع القائمين على موقع «فيسبوك»، وكيف سمحت لمثل هذه الجريمة أن تبث أحداثها حية على الهواء، وتنتشر في كل أنحاء نيوزيلندا والعالم لأكثر من نصف ساعة. ومن جانب آخر، وبعد حادثة المسجدين الإرهابية في نيوزيلندا ودور «فيسبوك» في ترويج ونشر تفاصيل الجريمة النكراء عبر حساب الإرهابي الأسترالي، لا بد من تحرك دولي يفرض قانونا عاجلا وملزما ضد منصات مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، يوقع عليهم غرامات مالية عالية وعقوبات مشددة لوقف أي أنشطة محرضة وأفكار متطرفة على منصاتها.