تتخذ صناعة الغاز السعودية بنوعيها التقليدي وغير التقليدي منحنى تطورياً متسارعاً في مسار صاعد من الاكتفاء الذاتي إلى التصدير المباشر والاستثمار في مصادره الخارجية بشراكات عالمية، حيث استثمرت المملكة مليارات الريالات في منابع النفط والغاز خلال ال5 سنوات الماضية وسوف تضاعف إنتاجها ضمن برنامج رؤية 2030، مما نتج عنه زيادة إنتاج الغاز من 9 مليارات قدم مكعب يومياً في السنوات الماضية إلى 12.4 مليار قدم مكعب يومياً حالياً وفي غضون الخمس السنوات القادمة سيصل إلى 24 مليار قدم مكعب يومياً من ضمنها 4 مليارات قدم مكعب غير تقليدية، وهذا يؤكد سرعة تنامي إنتاج الغاز في ظل استراتيجية واضحة هدفها الانتقال من الاكتفاء الذاتي إلى تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG) والغاز عبر الأنابيب، مما سيقلص تكاليف النقل ويزيد من منافستها عالمياً. وتمتلك السعودية احتياطياً كبيراً من الغاز 324.4 تريليون قدم مكعب مثبت بالإضافة إلى تريليونات الأقدام المكعبة المحتمل اكتشافها، حيث نفذت أرامكو حفر 70 بئراً في 2018، بحثاً عن الغاز الحجري وغير التقليدي، ولم تتوقف أرامكو عند هذا القدر بل إنها ستنشئ شركة غاز دولية متكاملة تستثمر في موارد الغاز الكبيرة، إذ المملكة مقبلة على ثورة صناعية هائلة في مجال الغاز تلبي 75 % من استهلاك قطاع المرافق العامة وتعزز نمو قطاع الكيميائيات المحلي وتفتح مجال لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وإحلال استهلاك (400 - 800) ألف برميل يومياً من النفط لتوليد الكهرباء بالغاز. ولهذا تسعى أرامكو إلى توسيع نفوذها بالاستحواذ على فرص عديدة في الولاياتالمتحدة، روسيا، الهند، باكستان، وإندونيسيا من أجل تعزيز مبيعاتها، حيث إنها تبيع الغاز مباشرة من خلال التعامل المباشر مع العملاء عبر الشراء من المنتجين والبيع للعملاء بهوامش ربحية، مما يتيح لها فرصة معرفة أهم العوامل التي تحدد زيادة المبيعات وبأفضل الهوامش الربحية عالمياً والذي سيمكنها من تحديد جدوى الاستثمارات المباشرة في إنتاج الغاز المسال، حيث إن المملكة تخطط لتصدير (3) مليارات قدم مكعب يومياً من الغاز التقليدي وغير التقليدي قبل 2030 (وزير الطاقة السعودي). إن السعودية لديها شهية الاستثمار في الغاز الطبيعي والمسال محلياً وتصديره إلى الأسواق العالمية من أجل تعظيم عوائدها الاستثمارية، بدءاً بتحقيق الكتفاء الذاتي من الغاز الذي يعتبر مكسباً مادياً بحد ذاته، حيث سيزيد من الصادرات النفطية بمقدار ما يوفره استهلاك إنتاج الكهرباء من النفط ومشتقاته، وبهذا يصبح استغلال المميزات النسبية لثرواتنا الهيدروكربونية عاملاً مهما في تنمية الاستثمارات المحلية والأجنبية وتعزيز النسب التنافسية لصادراتنا في هذا القطاع.