في جولة شملت أهم دُول آسيا وعمالقتها الاقتصاديين تكتسب دلالات عميقة وأبعاد استراتيجية غاية في الأهمية قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بزيارة كلٍ من باكستان، الهند والصين. وهي زيارات أسست ولا ريب لتحالف استراتيجي بين عمالقة آسيا. إن التحالف مع القوى الآسيوية وتثبيت مصالح المملكة مع تلك الأمم التي تأتي في مصفوفة الدول المهمة سياسياً واقتصادياً والناهضة تنموياً وصناعياً، لهو قرار في محله وخطوة رائدة تأخذ في الاعتبار أهمية كل دولة على حدة، فالصين إحدى الدول الخمس العظمى وثاني أكبر اقتصاد في العالم ينطلق التحالف معها من معطيات مختلفة تحكمها مكانتها السياسية والصناعية على مستوى العالم وما يمكن الحصول عليه منها في مجال التصنيع الحديث، في حين أن الدولة الكبرى الأخرى الهند التي تشهد ثورة صناعية لافتة ينطلق الاهتمام بها رغبة في ترسيخ التعاون الاقتصادي معها وفتح السوق الهندي المتعطش للطاقة والمشتقات البترولية على مصراعيه، فيما الاهتمام بالشقيقة باكستان الدولة الإسلامية الكبرى كونها الشريك الاستراتيجي للمملكة منذ عقود. هي زيارات ملكية فوق العادة بكل ما في الكلمة من معنى، جسدت على نحو دقيق مكانة المملكة كقوة اقتصادية ناهضة بأبعادها الإسلامية والجغرافية وما تملكه من مخزون هائل من الطاقة، وهي في نفس الوقت زيارات ذات أهداف كثيرة يمكن الإشارة هنا ودون الخوض في التفاصيل إلى أنها تهدف فيما تهدف إلى تأسيس تحالف آسيوي جديد يتيح للمملكة أن تلعب دوراً بارزاً من خلاله يخدم مصالحها ويعكس مكانتها وقوتها في ظل التكتلات العالمية القائمة. إن المتتبع لخطوات سمو ولي العهد يلمس على نحو مُبهر هذا الإقدام والعمل المتواصل الدؤوب الذي بدأ بالرؤية 2030 الطموحة ثم انتقل إلى التحالفات الدولية الاستراتيجية، وهذا كله يأتي في إطار التخطيط البعيد المدى الهادف إلى توسيع خارطة التحالفات الدولية، وقد سبق هذا بذل الجهود لترسيخ المصالح المشتركة مع الشريك الاستراتيجي الأساس ونعني هنا الولاياتالمتحدة الأميركية. وأنا أشاهد سموه في جولته تلك وأتابع بكُل شغَف الاستقبالات الحارة لسموه الكريم، وقد وكان ذلك جلياً في كسر البروتوكولات السياسية من قبل الدول التي استضافته والتي تُجسد أيما تجسيد الاحترام الذي تُكنه تلك الدول للمملكة ولسموه الكريم. وبالنظر إلى الأهمية الاستثنائية للصين فقد كان قرار سمو ولي العهد إضافة اللغة الصينية التي يتحدث بها أكثر من مليار إنسان والتي أضحت من اللغات المهمة في قطاع الأعمال إلى المقرر الدراسي السعودي، وهو قرار بما له من دلالات رمزية فإنه قرار حكيم يضع الأمور في نصابها ويعطي للصين أولوية تفرضها استحقاقاتها كدولة عظمى وحجم الميزان التجاري بين البلدين، ففي تصريح لجريدة الاقتصادية السعودية بتاريخ 8 يوليو 2018م قال السفير الصيني، إن التبادل التجاري بين المملكة والصين ارتفع 18 في المئة خلال عام واحد، حيث وصل إلى أكثر من 50 مليار دولار في 2017، متوقعاً أن تدعم (مبادرة الحزام والطريق) التجارة بين البلدين، وهو توقع نُقره تماماً فمن الحصافة أن نكون جزءًا من المنظومة لتلك الخطوط التي تربط الشرق بالغرب بالنظر إلى الواقع الجغرافي حيث المملكة ممر مهم لهذه الخطوط. * عضو لجنة الاستثمار الأجنبي والتعاون الدولي بالغرفة التجارية بالرياض