من أجمل الخصال التي يتزين به الإنسان هي صفة الوفاء، ولو وجدت هذه الصفة بجميع البشر لاستشعرنا الحب دائماً، وحتماً ستختفي الكثير من المشكلات وسيقل الإقبال على المحاكم، وربما ستقفل بعض مكاتب المحاماة، وسينتصر السلام بين العالم، ولن نستمع لقصائد الغدر والخيانة وستتبدل الكلمات والمعرفات في برامج التواصل الاجتماعي. وسيكون البديل التنافس على الأكثر وفاء بين الرجال والنساء، وستزدهر محلات الورود وتنتشر، وسيكون الحب أكثر ما يتداوله الناس لأنه مقرون بالوفاء "ومن يحب يوفي لمن أحب". ما سبق تصورات حقيقية عن الوفاء حتى نقترب من معناه وتعريفه، لأنه من الصعب شرح الكلمة من دون ضرب أمثلة ومن أجل الأمثلة والقصص أتت فكرة كتابة هذا المقال بعيداً عن الموضوعات والقضايا الاجتماعية الأخرى، فبعد أن قرأت قصصاً كثيرة عن الوفاء والذي يشتهر به العرب كانت معظم القصص أبطالها من النساء. ومن أجمل القصص هي أن فتاة تزوجت بعمر 20 وبعد فترة من زواجها تعرض زوجها لحادث مروري جعله طريح الفراش لا يقوى على الحركة، وبقيت هي مسؤولة عنه رافضة التخلي عن خدمته ورافضةً الضغوطات بأن تطلب الطلاق وفاءً لزوجها الذي أسعدها وهو بعافيته وأتى الوقت لتكافئه بالوقوف معه كما تروي فالحب يستمر مع الظروف بحلاوتها ومرها. ومن القصص الشعبية أن امرأة خرج زوجها للتجارة، وأثناء سفره أراد أحد اللئام من الرجال أن يحرجه حسداً لما عُرف عن زوج المرأة من الكرم، فوجه فوج من عابري السبيل إلى منزله، وما وصلوا حتى سمعوا صوت امرأة ترحب باسم زوجها وتدعوهم للجلوس فأعدت الطعام واستعانت بأحد أقربائها ليضيفهم، فكانت مثالاً بذلك الوقت على حرصها بأن تحافظ على صيت زوجها حباً ووفاءً له. ولو أردت الإسهاب في الكتابة عن قصص الوفاء فسأكون مقصراً إيمانًا مني بأن الجميع لديهم قصص ربما تخلد بالتاريخ عن دور المرأة ووفائها وهذا لا يعني أن الرجال غير أوفياء بل العكس التاريخ مليء بقصصهم ووفائهم ولعل عنتر وقيس من أعظم الأمثلة التي تُذكر على مدى الأزمنة. ولكن اطلاعي على بعض القصص كانت المرأة صاحبة النصيب الأكبر وفاءً، فوجدت أن النساء أكثر صبراً في حالة عدم الإنجاب من الطرف الآخر، وأكثر صبراً على تحمل ظروف الزوج والوقوف معه وكذلك الصبر حتى في حالة التعدد، وهذا موضوع آخر وغالباً ما يستشهد بعض الرجال بهذا الشأن بالآية الكريمة (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع). ولكن في حالة العدل والتي برأيي من الصعب تحقيقه فالحب لا يقبل القسمة على اثنين.