لطالما كانت القوة الناعمة وسيلة لتقريب المسافات بين الدول وكذلك الشعوب، بعيدا عن القوة العسكرية والحروب التقليدية، ومثلما قال الباحث السياسي ومساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق، جوزيف ناي، في كتابه الشهير "soft-power": «كله يمشي بالحب»، في إشارة واضحة إلى إمكانية التأثير في العدو وتحويله إلى حليف استراتيجي من دون إراقة عرق أو دم. لو عدنا بالذاكرة إلى قبل عقد ونصف من الزمان -تحديدا صيف 2004-، فسنتذكر حينها كيف استخدمت الولاياتالمتحدة الأميركية، قوتها الناعمة لتحسين علاقتها مع دول شرق آسيا، إثر حادثة تسونامي المفجعة، التي خلّفت عشرات آلاف الضحايا والمصابين. آنذاك وفّرت واشنطن مساعدات إنسانية من دون حسابات أو اعتبارات سياسية، ما أسهم في تغيير نظرة الشعوب الآسيوية الفقيرة إلى أميركا التي خاضت حروبا عدة ضد دول «حوض آسيان»، من أبرزها حرب فيتنام التي لم يعد يتذكرها الجيل الحالي. بينما السؤال الذي يجب طرحه: ما الخطأ في أن نشارك الأمريكان القوة الناعمة في منطقة الأسيان؟ مع الأخذ في الحسبان أننا نشارك معتقدنا الديني مع أكبر كتلة سكانية على وجه الأرض. ربما يعتقد رجال السياسة أن من السهل التأثير في شعوب منطقة جنوب شرق آسيا بالعمل على جوانب الثقافة واللغة والدين، ولكن هذا ليس كافيا، بل يفضّل العمل معهم على الجانب الإنساني، بدعم وإغاثة المنكوبين، وتغطية الحدث إعلاميا بلغتهم المحلية. إن دور الدبلوماسية في تقديم يد العون بشتى الوسائل سيخلق حالة شعبية وسياسية أكثر انفتاحا وتعاونا مع دول مجلس التعاون الخليجي، ويعطيها الأولوية في الوجود لاحقا خلال المبادرات الاستثمارية والدعم الدولي، باعتبار أنها وسيلة مجربة وناجحة اتخذتها كبرى الدول في صناعة التحالفات وترميم العلاقات وكسب المصالح السياسية.