كشف تقرير صادر عن شركة جدوى للاستثمار حول تطورات الاقتصاد السعودي العام 2019 عن توقعات بنمو الاقتصاد السعودي بنسبة 2 في المئة خلال العام، وأشارت أحدث بيانات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 على قدرة الاقتصاد السعودي على امتصاص معظم الآثار السلبية المترتبة على الإجراءات الاقتصادية الضرورية التي تم اتخاذها العام الماضي، وبالنظر إلى المستقبل وبما أن هناك إصلاحات محدودة نسبياً سيجري تطبيقها خلال عام 2019، فذلك يعنى أن الطريق سيكون ممهداً لحدوث انتعاش في الاقتصاد السعودي، وعلى الرغم من أن ناتج قطاع النفط سيتقلص جزئياً بسبب التزام المملكة باتفاق خفض الإنتاج المبرم بين أوبك وشركائها، نتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي بدرجة طفيفة على أساس سنوي. كما توقع التقرير استفادة القطاع غير النفطي من السياسة المالية التوسعية، حيث ينتظر أن تسهم زيادة الإنفاق الرأسمالي بنسبة 20 في المئة، إضافة إلى مجموعة مميزة من الإجراءات المستهدفة في المحافظة على بعض مستويات النمو في الاستهلاك المحلي، وبصفة خاصة سيتواصل تقديم الدعم للمواطنين من خلال «حساب المواطن»، وستكون هناك إعادة للعلاوات السنوية إلى موظفي القطاع العام، وتمديد علاوة غلاء المعيشة، إضافة إلى تخصيص مبلغ 11,5 مليار ريال لمساعدة شركات القطاع الخاص المؤهلة على تحمل أعباء المقابل المالي للعمالة الأجنبية، تلك العوامل جميعها ستسهم في زيادة نمو القطاع غير النفطي إلى 2,3 في المئة هذا العام، مرتفعاً من 2,1 في المئة عام 2018. وأشار التقرير إلى أن مساهمات كبيرة متوقعة من قطاعي «التمويل والتأمين وخدمات الأعمال» و»الصناعة غير النفطية»، فإلى جانب الزيادات في القروض المصرفية إلى القطاع الخاص فإن قطاع «التمويل» سيستفيد من إدراج مؤشر الأسهم السعودية (تاسي) في كل من مؤشر مورغان ستانلي ومؤشر فوتسي للأسواق الناشئة، إضافة إلى ذلك فإن القطاع سيجد الدعم من خلال الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف الواردة في برنامج تطوير القطاع المالي، وفيما يتعلق بقطاع «الصناعة غير النفطية» تتوقع شركة جدوى أن يكون برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية الذي أُطلق مؤخراً هو المحرك الأساسي للنمو في هذا القطاع، وبصورة أكثر تحديداً فإن برنامج تطوير الصناعات الوطنية سيشهد إنفاق 100 مليار ريال خلال العامين 2019 و2020، وهي تمثل ركلة البداية لانطلاق البرنامج. وتوقع التقرير أن ينمو أكبر قطاعات الاقتصاد السعودي «قطاع النفط» والذي شكّل نسبة 44 في المئة من الناتج الإجمالي بالقيمة الفعلية في نهاية عام 2018، بنسبة 1,6 في المئة، مما يؤدي إلى نمو كلي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المئة عام 2019، مشيرا إلى أنه رغم التوقعات بأن يبقى إنتاج الخام السعودي دون تغيير على أساس سنوي عام 2019، والذي يعود جزئياً إلى الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج بين أوبك وبعض المنتجين المستقلين، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي النفطي سيتعزز بفضل الارتفاع في إنتاج الغاز والبدء في تشغيل مصفاة جازان، وتوقع التقرير أن يرتفع نمو القطاع الخاص غير النفطي إلى 2 في المئة خلال العام، ويرتفع نمو القطاع الحكومي غير النفطي إلى 3 في المئة. وفي استعراضه لأداء القطاعات أوضح التقرير أن قطاع تجارة الجملة والتجزئة نما بنسبة 0,8 في المئة العام 2018، مسجلاً تحسناً طفيفاً مقارنة بنموه العام 2017، والذي كان عند 0,6 في المئة، وبالنظر إلى المستقبل يقول التقرير إنه في ظل رفع كل من المقابل المالي للعمالة الأجنبية ورسوم المرافقين في العام 2019، يتوقع استمرار مغادرة أجانب ذوي أجور أعلى ومرافقيهم، مما يؤدي ليس فقط إلى الإضرار بالإنفاق على السلع الاستهلاكية، بل ستؤثر تلك المغادرة أيضاً في الإنفاق على السلع الكمالية (غير الضرورية)، ومع ذلك ينتظر أن يسهم قطاع الترفيه في نمو قطاع تجارة الجملة والتجزئة من خلال برنامج الفعاليات الطموح المخطط تنفيذه خلال العام، كما تقول الهيئة العامة للترفيه. وأشار التقرير إلى أن قطاع النقل والاتصالات نما بنسبة 1,7 في المئة، بفضل اكتمال عدد من المشاريع الجديدة خلال عام 2018، ويتوقع التقرير أن يستفيد هذا القطاع مستقبلاً من النمو في العدد الكلي للمشتركين، خاصة مشتركي خدمة البيانات المتنقلة، حيث ينتظر أن تطلق هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات شبكة الجيل الخامس بصورة تجارية منتصف عام 2019، كذلك أشار التقرير إلى نمو قطاع العقارات بنسبة 2,2 في المئة عام 2018، مدعوماً ببرنامج «سكني» الذي تنفذه وزارة الإسكان، وسيكون هذا البرنامج هو المساهم الرئيسي في النمو عام 2019 كذلك. وجاء في تقرير جدوى أن قطاع التشييد انكمش بنسبة 3,1 في المئة عام 2018، بعد تراجعه بنسبة 3,3 في المئة عام 2017، وأشار التقرير إلى تراجع إنتاج الأسمنت والصلب بنسبة عشرة في المئة وستة في المئة على أساس سنوي على التوالي خلال عام 2018، وبالنسبة لنمو القطاع في الفترة القادمة يرى التقرير أن جولة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة في بعض مناطق المملكة، والتي شهدت توقيع عدد كبير من المشروعات، إضافة إلى التطور الذي بدأت تحققه المشروعات العملاقة التي يقوم بتنفيذها صندوق الاستثمارات العامة، سيؤديان إلى تحقيق انتعاش معتدل للقطاع عام 2019. وفيما يتصل بالوضع المالي تتوقع شركة جدوى للاستثمار أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 66 دولاراً للبرميل، ويبلغ متوسط إنتاج المملكة من النفط الخام نحو 10,3 مليون برميل في اليوم عام 2019، مما يؤدي إلى إيرادات نفطية بقيمة 625 مليار ريال، والتي تقل بنحو 37 مليار ريال عن الإيرادات المقدرة في الميزانية والتي تبلغ 662 مليار ريال، أما الإيرادات غير النفطية فتقدرها جدوى في حدود 313 مليار ريال، نتيجة لذلك يتوقع التقرير زيادة طفيفة في عجز الميزانية ليبلغ 168 مليار ريال، أو ما يعادل 5,5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدّر للعام 2019، ولكن التقرير يرى احتمال أن يتم استخدام المكاسب المتوقعة من برنامج التخصيص، أو العائدات الفعلية من التسويات التي تمت بخصوص الفساد، لضمان التقيد بمستويات العجز المستهدفة. ويقول التقرير إن نمو الاقتصاد سيواصل تحسنه في عام 2020 بفضل الإنفاق الحكومي القياسي المقرر في الميزانية والذي يصل إلى 1,14 تريليون ريال، بزيادة 3 في المئة على أساس سنوي، وفيما يتعلق بإنتاج المملكة من النفط الخام يتوقع التقرير زيادة الإنتاج إلى 10,5 مليون برميل يومياً العام القادم، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط إلى 2,1 في المئة عام 2020، كذلك يتوقع التقرير أن يحافظ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي على معدل نمو عند 2,3 في المئة، حيث تضمنت تقديرات الميزانية زيادة في الإنفاق الرأسمالي، ويلفت التقرير الانتباه إلى أن الاقتصاد سيشهد ارتفاع رسوم العمالة الأجنبية إلى أقصى مستوياتها خلال العام، مما يؤدي إلى جعل القطاع الخاص يواجه زيادة إضافية في تكاليف التشغيل. ويشير تقرير جدوى إلى أن أحد التطورات الرئيسية عام 2020 سيكون هو إصلاح أسعار الطاقة، كما هو مفصل في الوثيقة الأصلية لبرنامج التوازن المالي، والذي أُعيد تأكيده في التعديلات اللاحقة، وستشهد أسعار الغاز الطبيعي/الإيثان وغاز البترول المسال، وفقاً لجدول برنامج التوازن المالي العام القادم تحولاً تدريجياً إلى سعر مرجعي لم يحدد بعد، ورغم أن هناك تقارير عن برنامج محتمل لدعم القطاع الصناعي تجري صياغته، إلا أن أي تغييرات كبيرة في أسعار الغاز الطبيعي/الإيثان سيكون لها بلا شك تداعيات على شركات البتروكيماويات، ويرى التقرير أن برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية الذي أُطلق مؤخراً سيضمن تحقيق نمو قوي في قطاع الصناعة غير النفطية ككل العام القادم. ويتوقع التقرير أن يكون قطاعا التشييد والنقل إلى جانب الصناعة غير النفطية من القطاعات البارزة عام 2020، وفيما يتعلق بقطاع التشييد يُنتظر أن يواصل القطاع الاستفادة من العمل في عدد من المشروعات العملاقة لصندوق الاستثمارات العامة (مشروع نيوم، ومشروع القدية، ومشروع البحر الأحمر)، كما سيستفيد من التطوير الذي ستحققه شركة مشاريع الترفيه السعودية، أما في جانب النقل فيتوقع التقرير أن يصل مشروع مترو الرياض الذي ينتظره الكثيرون والذي بلغت تكلفته 82 مليار ريال، مرحلة التشغيل الكامل خلال عام 2020، كما أن التنفيذ التدريجي لمجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية سيساعد في نمو القطاع.