نحن نعيش في بيئة صحراوية أشد ما تكون حاجة إلى غطاء نباتي ينتفع منه الإنسان والكائنات, مما يؤكد أهمية غرس الشجر فيها, ويتأكد التحذير من قطع أشجارها إلا إن كانت مؤذية في طريق, أو للحاجة, ذلك أنَّ الشجر يستظل بظلاله الإنسان من لهيب الشمس, ويُكنُّ من المطر, وكذلك يستظل بظلاله الحيوان من البهائم والسباع والطيور, وكذلك فإنَّ الأشجار تكون حاجزاً طبيعياً لتقليل انتقال الرمل من جهة إلى أخرى, وكذلك فإنَّ الأشجار تساهم في تلطيف الجو وحفظ التوازن البيئي, وغرس الشجر عمل صالح يؤجر عليه المسلم, للحديث المتفق على صحته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" وفي رواية عند مسلم: "إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" "وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ". قال الإمام النووي رحمه الله: "في هذه الأحاديث فضيلة الغرس وفضيلة الزرع وأنَّ أجر فاعلي ذلك مستمر مادام الغراس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة وقد اختلف العلماء في أطيب المكاسب وأفضلها, فقيل التجارة وقيل الصنعة باليد, وقيل الزراعة وهو الصحيح ...(ولا يرزؤه) أي ينقصه ويأخذ منه". ومن أفضل الغرس غرس النخل؛ لأنَّه يُنتفع بجميع أجزائه, وهو مَثَلُ المسلم, في صحيح مسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟" فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُاللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ فَقَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". ومن الشجر النافع السدر والطلح وهما من أشجار الجنة فلنغرسهما وما ماثلهما من الشجر, وكلَّما كان الشجر أكثر نفعاً كان الأجر أكبر, ولك أن تسأل نفسك, متى آخر مرة غرست فيها شجرة يستظل الناس بها, ويأكلون من ثمارها؟ فبادر أيها الموفق إلى غرس الشجر النافع, ولك أن تسترشد من المهتمين بهذا الأمر في الجمعيات والرابطات الخضراء الرسمية المنتشرة في بلادنا, والتي تعتني بغرس الأشجار في الأودية والبراري. نريد أن تكون أوديتنا وبرارينا متزينة بالأشجار النافعة المتنوعة, محميَّة من يد العابث الذي يقطع ولا يغرس, فحماية البيئة أمر مهم, ولعلنا نرى شرطة البيئة قريباً.