رغم جهود التوعية والتحذيرات المستمرة بعمليات الاحتيال المالي، التي تقوم بها عدة جهات مالية ومصرفية على مستوى المملكة، من بينها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهيئة السوق المالية، والبنوك السعودية، بما في ذلك هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وشركات الاتصالات، التي خصصت الأخيرة بتوجيه من الهيئة خدمة مجانية للإبلاغ عن الرسائل النصية الاحتيالية بإعادة إرسالها على الرمز الموحد لكافة شركات الاتصالات 330330، إلا أنه وللأسف الشديد لا تزال محاولات الاحتيال المالي مستمرة وفي ازدياد مضطرد، وبالذات التي يتم بثها ونشرها عبر قنوات الاتصال والتواصل الحديثة، مثل البريد الإلكتروني ورسائل الجوال القصيرة SMS. وما يؤكد على انتشار رسائل الاحتيال المالي، الخبر الذي نشرته الزميلة صحيفة الوطن بعنوان "انتشار مكالمات Spam Calls عالمياً"، والذي كشف أن العام الماضي قد شهد انتشاراً جنونياً للمكالمات الهاتفية المزعجة، التي يسعى من خلالها المتصلون إلى خداع ضحياهم والاستيلاء على أموالهم وسرقتها. وفي خبرٍ آخر، أعلنت خدمة "ترو كولر" الهاتفية عن ارتفاع هائل في معدلات المكالمات المزعجة في جميع أنحاء العالم بنسبة وصلت إلى 300 % خلال العام 2018، وأشار خبر آخر في هذه الصحيفة بعنوان "ارتفاع الرسائل الإلكترونية الضارة 25 %"، إلى ارتفاع نسبة الرسائل الإلكترونية الضارة على مستوى العالم بأكثر من 25 % خلال الربع الأخير من العام الماضي مقارنة بنفس الربع من العام 2017. وكما يبدو لي أن هناك سباقا أشبه ما يكون بسباق الماراثون بين الاحتيال المالي ومكافحته، إذ أنه وعلى الرغم من تعزيز جهود التوعية وتكثيف التحذيرات بعمليات الاحتيال المالي، إلا أنه وعلى النقيض من ذلك تماماً وكما تشير الأخبار والتقارير الصادرة عن جهات متخصصة في أمن المعلومات أن هناك تزايدا مضطردا في محاولات عمليات الاحتيال المالي والاختراقات الإلكترونية للحسابات الشخصية والمصرفية على مستوى العالم، وقد استشهدت في مقال سابق بتقارير تشير إلى أن حجم الخسائر العالمية المترتبة عن عمليات الاحتيال الإلكتروني قد قدرت بنحو 60 مليار دولار في العام 2017، مقارنة بمبلغ 52 مليار دولار في العام 2006. برأيي لأن تحقق جهود التوعية المالية مبتغاها وأهدافها المنشودة منها، لابد أن يصاحبها ارتقاء موازٍ في مستوى الوعي العام لدى جمهور الناس (عملاء بنوك وغيرهم) بخطورة الاحتيال المالي وما يتسبب فيه من خسائر مالية بما في ذلك اجتماعية ونفسية، ما يتطلب أخذ الحيطة والحذر من أفراد المجتمع في جميع تعاملاتهم المالية والمصرفية بالشكل الذي يكفل لهم حماية معلوماتهم المالية والشخصية وتجنيبها من أن تكون عرضة لعبث واستغلال المحتالين في تنفيذ عمليات احتيال مالي ومصرفي، كما أن الأمر يتطلب من العامة عدم التفاعل مطلقاً مع رسائل الاحتيال حتى وإن كان من قبيل أو باب الفضول، بالإضافة إلى ضرورة الإبلاغ عن رسائل الاحتيال بشكلٍ فوري للجهات المالية والأمنية المعنية، بما في ذلك شركات الاتصالات، وبالذات فيما يتعلق بالرسائل النصية القصيرة التي ترد على الجوالات وتطلب تحديث البيانات البنكية أو تُبلغ بالفور بجوائز نقدية أو عينية أو تَعد بمكافآت.