من الأمور الإيجابية لرؤية المملكة 2030، أنها تسعى جاهدة لإيجاد عمل مؤسسي قائم على استراتيجيات محددة، وأسس ثابتة، لا ترتبط بالمسؤول، ولا تبقى اجتهاداً لأشخاص يتغيرون من وقت للآخر. رؤية 2030 في تعاملها مع الأجهزة الحكومية تتبع أسلوباً إدارياً مختلفاً عن السابق، يقوم على تحديد الأهداف والبرامج، ووضع مؤشرات للأداء، وإشراك العديد من المنتسبين للجهاز في إدارتها وتنفيذها، مما يجعلنا في موضع أكثر تفاؤلاً في أن تكون هذه الأمور مرتبطة بالجهاز ذاته، وليس بمن يتولى إدارة الجهاز، بمعنى بقائها واستمرارها وتواصلها، سواء بقي ذلك المسؤول على رأس الهرم، أم رحل وحل محله مسؤول آخر لينطلق، ليس من الصفر واجتهاداته الشخصية، وإنما مما بناه سلفه وتراكم لدى الجهاز من خطط ومعارف. من الأخطاء التي يرتكبها بعض المسؤولين، أنه ينطلق من فرضية أن الجهاز الذي أسندت اليه إدارته سيئ، وهو بحاجة إلى البناء من جديد، دون أن يمنح نفسه الفرصة الكافية للتعرف على الجهاز، وعلى العاملين فيه، وقبل كل ذلك الوقوف على خططه وبرامجه القائمة لفهمها ومعرفة توجهاتها ومساراتها الحالية والمستقبلية. كيف نستطيع بهذه الطريقة أن نوجد عملاً تراكمياً مؤسسياً يكمل بعضه بعضاً، بما يحقق أهداف الجهاز وطموحاته، ورغبات العاملين والمتعاملين معه. يزداد العجب حينما تدرك أن لدى بعض الأجهزة الحكومية برامج، أنفق عليها ملايين الريالات وصرف من أجلها الكثير من الوقت والجهد، وكذلك لديها استراتيجيات تم العمل عليها والتعاقد لإنجازها مع مكاتب استشارية متخصصة، لتتفاجأ أن المسؤول الجديد يوقفها جميعاً، دون أن يمنح نفسه الفرصة للوقوف عليها واستيعابها من أجل الاستفادة منها للانطلاق للمستقبل. العمل المؤسسي، عمل تراكمي ومستمر، يحتاج البناء المتواصل والإضافة والتعديل والتوجيه من كل من يتولى إدارة الجهاز، دون إلغاء، أو الإقلال من الإنجازات السابقة، بل المطلوب استيعابها والبناء على المناسب منها، وتعديل ما يحتاج منها التعديل حسب المستجدات وظروف المرحلة، وهذا ما تتبعه رؤية 2030 في منهجيتها، وأساليب عملها، مما يجعلنا أكثر تفاؤلاً بالتأسيس لما نطمح أن نراه من عمل مؤسسي في أجهزتنا ومؤسساتنا.