نعم كنت معنا وبيننا نلتقي بك ونجتمع عندك في منزلك العامر مع الإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأقارب وجميع أفراد الأسرة. لم تمنعك حالتك الصحية عن فتح أبواب منزلك لاستقبال كل من يأتي للسؤال عنك والاطمئنان عليك يومياً بعد صلاة العصر وحتى صلاة العشاء، كنت أنا مثل باقي إخواني وأخواتي أنتظر هذا اللقاء يومياً دون كلل أو ملل، لأنك كنت بيننا ونسعد برؤيتك والاطمئنان على صحتك. تفرح بلقائنا يومياً وفي المناسبات والأعياد ونتناول الإفطار معك في شهر رمضان، وتسألنا عن أحوالنا وأحوال الناس ونزول الأمطار والرياض التي ازدانت بهطولها، وتبتهج بذلك وتدعو لنا وللمسلمين، ونصلي معك المغرب والعشاء جماعة، ثم نذهب ونعود لك في يوم آخر وهكذا. حتى أراد الله أن يختارك إلى جواره، بعد أن أُصبت بجلطة في الرأس، ولأننا نحسن الظن بالله فقد كان الأمل ببقائك كثيراً لأننا لا نتحمل الحياة من دونك، رغم تأكيدات الأطباء، بصعوبة حالتك الصحية، ووصولها إلى درجة خطيرة، وأن علينا التضرع إلى الله تعالى، أن يديم عليك الصحة والعافية، وأن يختار لك الخيرة المباركة، حتى انتقلت إلى رحمة الله تعالى في خبر مفجع للجميع، نظراً لسيرتك العطرة، وأعمالك الخيّرة الجليلة، ومساعدتك للفقراء والمساكين، وبنائك للمساجد ودعمك للجهات الخيرية داخل المملكة وخارجها، ويدل على ذلك جموع المعزين رجالاً ونساءً وكباراً وصغاراً التي توافدت إلى منزلك بعد وفاتك، وهي تلهج بالدعاء إلى الله عز وجل، أن يرفع منزلتك في أعلى درجات الجنان، وأن يجعل ما قدمته في حياتك درساً لأبنائك وللأجيال القادمة عن تعبك وكفاحك، حيث أنجبت البنين والبنات، الذين سيقتدون بك - إن شاء الله - وينهجون منهجك وينشرون سيرتك العطرة في كل مكان. رحمك الله يا أبي، وجمعنا بك ووالدتي وجميع المسلمين في الفردوس الأعلى في جنات النعيم.. إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون.