اعلم جيداً بأنك لن تقرأ رسالتي.. ولكني أعلم علم اليقين كما ان الجنة حق وان محمداً صلى الله عليه وسلم حق وان النبيين حق وان الله يبعث من في القبور إننا إن شاء الله سنلتقي معاً في جنة عالية قطوفها دانية على سرر متقابلين في مقعد صدق عند مليك مقتدر بإذن الله! لأننا كنا متحابين في الله عز وجل وانه سبحانه وتعالى سيظلنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلاّ ظله ولا باقي إلاّ وجهه الكريم إن شاء الله. تعلم جيداً ان معرفتي بك تجاوزت أكثر من عقد من الزمان في هذا الزمن الذي قل فيه الأصدقاء الأعزاء ومازلت اشم رائحتك الزكية التي تفوح من أنفاسك وأخلاقياتك وإنسانيتك في التعامل مع كل من حولك قريباً كان أو بعيد. وأتذكر جيداً لقاءاتنا خلال رحلاتنا المتعددة مع سيدي خادم الحرمين الشريفين "أطال الله عمره". وأتذكر جيداً لقائي الأخير معك خلال سفره "أيده الله" إلى المنطقة الشرقية حيث تجاورت مقاعدنا في الطائرة كالعادة وكنت استمع بعناية إلى حديثك الشيق عن الحل والترحال.. والسفر وكأنك تقول لي وداعاً. وأتذكر كيف كنا نبحث من نافذة وهي تحلق فوق قصر العزيزية بالخبر عن ملعب كرة القدم الذي اختزل كثيراً من الذكريات الجميلة والتي أصبحت الآن ذكرى عطرة لك رحمك الله وجعل مثواك الجنة. وما كنت اعلم ان هذا الحوار سيكون الأخير.. وان هذه الرحلة أيضاً ستكون آخر رحلة نتجاور فيها بالمقاعد.. أدعو الله ان أجاورك في الجنة رحمك الله وأنزلك منزلاً مباركاً في جنة الفردوس. واعلم جيداً أننا جميعاً راضون بقضاء الله وقدره خيره وشره.. ولكننا جميعاً بفراقك لمحزونون لأنك كنت الصديق العزيز والزميل المخلص والأخ الذي لم تلده أمي! ونعلم جميعاً ان فراق الأحبة ليس فقط صعباً بل مريراً ولكننا جميعاً نحتسب الأجر عند الله عز وجل وأننا استودعناك الله التي لا تضيع ودائعه.. فنعم الاخوة ونعم الصداقة ونعم الزمالة! واعلم جيداً انك بذلت الغالي والرخيص والنفس والنفيس وسهرت الليل والنهار لخدمة الدين ثم المليك والوطن ابتغاء لوجه الله تعالى واخلاصاً للقيادة الرشيدة أعزها الله ولقيت ربك راضياً مرضياً إن شاء الله! فنعم العمل ونعم الشرف ونعم الأداء! واعلم جيداً أخي وليد رحمك الله انه احبك الجميع فلقد أحبك الوطن بكامله.. حاضرة وبادية لأنك كنت الابن البار لوطن الخير والإنسانية! فنعم الحب في الله ونعم الحبيب ونعم الوطن!؟ فلماذا لا يحبونكم الناس؟ فلقد شاركتهم حبهم بمزيد من الحب والاخلاص والاخاء والتواصل والتفاني وكنت تعمل بهدوء وصمت لقضاء حوائجهم. ونعلم جيداً ان أسرتك وال بيتك وذويك وأصدقائك مؤمنين بقضاء الله وقدره خيره وشره ولديهم يقين كامل لا يتزعزع.. ولا ينقص بل يزيد يوماً بعد يوم بأنه لن يصيبهم إلاّ ما كتب الله لهم! وأتذكر جيداً ونحن نتأمل في وجوه المصلين أثناء الصلاة عليك وماشعروا به من حزن وما تلمسته من الحب الذي كان يكنه الجميع لك. فعزائي لكل من يعرفك ولعائلتك ولزوجتك وأبنائك ألهمهم الله الصبر والسلوان. واعلم جيداً إن كنت قد غبت عنا جسدياً فانك لن تغيب عنا ذهنياً وستكون موجوداً معنا دائماً بأعمالك الخيرة والإنسانية.. وأخلاقياتك الرفيعة! أخي وليد العساف رحمك الله رحمة واسعة وانزل على قبرك الفسحة والسرور اللهم كما كنت رحيماً ورؤوفاً بوليد في الدنيا فكن رحيماً به في الآخرة. اللهم يا رحيم يامن رحمته وسعت كل شيء انزله منازل الصالحين واجعل قبره روضة من رياض الجنة. فهذا جزاء الإيمان واليقين والصبر "ان مع العسر يسرا.. فصبر جميل والله المستعان". (وإنا لله وإنا إليه راجعون).