اتضحت ملامح السعودية الحديثة والمتقدمة وتأكد لنا ما كنا نعتقد أنه شبه مستحيل بأن تصبح مملكتنا قائدة في النمو والتطور التقني والمعرفي وبإيرادات غير نفطية، نحن لا نسلم مستقبلنا لما هو متوفر من ثروات بل نطور ما هو جديد نحو اقتصاد مزدهر وقادر على المنافسة الإقليمية والعالمية، ليحتل مركزاً متقدماً بين مجموعة (20)، وهذا ما يؤكده انطلاق مشروع خليج نيوم "المدينة الحالمة" كما وصفها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حسب جدولها الزمني، فمن المتوقع افتتاح عدد من المرافق الأساسية والحيوية مع نهاية العام، وتحويل مطار نيوم الحالي إلى مطار تجاري يستقبل رحلات منتظمة حتى اكتمال مرحلته الأولى في 2020، وبهذا نقطع الشك باليقين ونهزم المشككين في استكمال هذه المشروع واستمراريته تحقيقاً لأهداف رؤية 2030. هنا تزداد أحلامنا وطموحاتنا بأن تكون هذه المدينة رائدة ونموذجاً لما تحتويه الثورة الصناعية الرابعة من مزيج تكنولوجيا يربط بين المجالات المادية والرقمية، والبيولوجية في عدد كبير من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النانو، والحاسوب الكمومي، والتكنولوجيا الحيوية وإنترنت الأشياء الصناعية (إييوت)، بلوكتشين، التقنيات اللاسلكية من الجيل الخامس ومضافات التصنيع/3D الطباعة والمركبات الذاتية. فعلا إنها مدينة أحلامنا تقنياً ومعرفياً واقتصادياً في بيئة جاذبة للاستثمارات تعززها المنافسة المكانية في بيئة أعمال مستدامة، توظف السعوديين وتسعد الأسر بجودة حياتها وتجذب السائحين من كل مكان في العالم، إننا نتوقع أن يكون العائد على الاستثمارات كبيراً وبمضاعف اقتصادي مباشر وغير مباشر لكل (1) مليون ريال يتم إنفاقه بمضاعف لا يقل عن (10) أضعافه في الاقتصاد السعودي، مما يرفع من مساهمة هذا المشروع في إجمالي الناتج المحلي وبنسبة غير مسبوقة مقارنة بالمشروعات الأخرى. لقد أصبحت مشاركة صندوق الاستثمارات العامة عنصراً أساسياً في التنمية الاقتصادية في عصرنا الحديث، بدلاً من استثماره سابقًا بعوائد ذات مخاطر متدنية وبعد أن عجز القطاع الخاص بتنويع استثماراته وتعظيم قيمته الاقتصادية المضافة، فها هو يستثمر في نيوم بأكثر من 500 مليار دولار، داعماً وجاذباً لاستثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في ظل بيئة استثمارية آمنة توفرها استثمارات هذا الصندوق بنسبة (62 %) من إجمالي الناتج المحلي لعام 2018م. إنه خليج نيوم مشروع الأحلام وملتقى الحلول المبتكرة والمعرفة في بيئة خليجية صافية ونقية تضيء سماؤها طاقة متجددة وتغمرها سعادة الإنسان وحماية صحته بتنقله بين أطرافها بوسائل نقل متقدمة لا تلوث بيئته، إنه نموذج الثورة الصناعية الرابعة.