استثمرت البنوك السعودية خلال السنوات الماضية في التقنية البنكية حتى أصبحت الآن من أفضل بنوك العالم في الخدمات البنكية عبر القنوات الإلكترونية وتطبيقات الأجهزة الذكية، في العام الماضي ارتفع معدل بند الرواتب مسجلاً رقماً قياسياً متجاوزاً 17 مليار ريال هذا الرقم غير الرواتب والحوافز التي تصرفها البنوك على الموظفين المتعاقدين بواسطة شركات تشغيل العمالة outsourcing contract التي عادة تشتغل في الأعمال التي لا تحتاج إلى حرفية عالية وهذه الأرقام قد تدفع البنوك إلى عمليات مراجعة لعدد الوظائف واستخدام الحلول التقنية بديلاً عن العنصري البشري، في تقرير صادر عن البنك الأهلي أظهر أن 97 % من عمليات البنك تتم آلياً من دون تدخل بشري بينما ال3 % المتبقية من العمليات تتم يدوياً بواسطة الموظفين، مصرف الراجحي أعلن خلال الأسبوع الماضي عن إمكانية فتح الحساب الجاري عن طريق الموقع الإلكتروني للمصرف دون الحاجة لمراجعة الفرع ويتم توثيق بيانات العميل عبر النفاذ الوطني الموحد (أبشر) وهذا يعطي مؤشراً قوياً جداً بأن عمليات البيع سواء للبطاقات الائتمانية أو القروض وغيرها من الخدمات سوف تتم في المستقبل آلياً دون الحاجة إلى زيارة الفرع وقد يحتاج العميل فقط عند طلب قرض إلى تحميل تعريف الراتب من خلال تطبيقات الأجهزة الذكية وفي المستقبل ربما لا يكون هنالك حاجة إلى تعريف الراتب أو خطاب تثبيت الراتب لو تم تطوير الأنظمة الحكومية بحيث تتوافق مع الأنظمة البنكية ويُمكنهم النظام من الحصول على كافة البيانات التي يحتاجونها عن الموظف طالب القرض، أما عمليات التسويق فقد أثبتت فاعليتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت أكثر جدوى وقدرة على استقطاب العملاء من عمليات التسويق التقليدية، مصرف الراجحي أيضاً توجه إلى تقنيات المستقبل وثورة الحلول المالية فقد أكمل تنفيذ عملية تحويل مالي خارجي باستخدام تقنية Block chain واستخدام هذه التقنية الحديثة في عمليات التحويل والدفع المالي سوف يكون لها مردود كبير على البنوك من حيث السرعة في التنفيذ وخفض التكاليف وتقنية Block chain عبارة عن قاعدة بيانات موزعة لتبسيط التعاملات المالية، وقد قام بنك اتش إس بي سي HSBC بتطوير طرق جديدة لاستخدام تقنية Block chain لتبسيط العمليات المالية، كذلك كان الحال مع بنك R3 في سنغافورة الذي يعمل على تطوير إجراءات -Documentary Letter of Credit الاعتمادات المستندية، وهي أكثر الوسائل استخداما لتقليص المخاطر بين المستوردين والموردين وتضمن هذه الوسيلة صفقات تزيد قيمتها على تريليوني دولار، وتمثل تقنية دفاتر الحسابات غير المركزية المستخدمة في العملة الرقمية «بتكوين» حلاً للتخلص من هذا الإجراء الروتيني الذي يستدعي إنهاؤه بمستندات ورقية وقتاً طويلاً ، أيضاً العملات الرقمية قد تكون أحد الحلول للتخلص تدريجياً من العملات التقليدية إذا تبنتها المصارف المركزية وأصبح لها غطاء قانوني يمنح الثقة لمتداوليها، السنوات القادمة سوف نلحظ تسارعاً في العمليات التقنية التي لا تعتمد على العنصر البشري وهذه التقنيات تستدعي الاستغناء عن الكثير من الوظائف التي قد لا تكون متاحة في المستقبل وخصوصاً وظائف العمليات وبعض وظائف المبيعات، وقد تتحول الفروع التقليدية إلى فروع آلية بالكامل يستطيع العميل تنفيذ كامل عملياته وإصدار بطاقاته المصرفية والحصول على التمويل من دون تدخل بشري، كما أن قطاع الشركات قد لا يحتاج في المستقبل إلى وظائف Credit Analyst وتقوم الأنظمة بتحليل الأرقام المالية وميزانيات العميل آلياً وخصوصاً أن هنالك توجهاً للدولة بإدخال جميع القوائم المالية للشركات في الموقع الإلكتروني لوزارة التجارة لأغراض ضبط الاستحقاقات من عوائد الزكاة والضرائب والحد من التلاعب بالأرقام وقد يُتاح للبنوك مستقبلاً الحصول على هذه القوائم. من المؤشرات المهمة التي تعطي انطباعاً واقعياً عن مدى تطور التقنية البنكية هو التطور الملحوظ والقفزات النوعية في عدد عمليات استخدام البطاقات المصرفية في الشراء عبر نقاط البيع وخصوصاً العام السابق 2018 حيث ارتفع عدد العمليات بنسبة تجاوزت 42 % وقد يكون الفضل في ذلك هو تفعيل نظام أثير الذي يسمح بالشراء بحدود 100 ريال في اليوم الواحد بمجرد ملامسة البطاقة جهاز نقاط البيع وهذه الخدمة تعطي مرونة وسرعة في تنفيذ العمليات وخصوصاً بعض منافذ البيع التي تحتاج إلى ذلك، وكذلك إتاحة بطاقات مدى للشراء عن طريق الإنترنت، ومن المتوقع أن ترتفع عمليات نقاط البيع بشكل أكبر خلال السنوات القادمة مع توجه وزارة التجارة إلى إلزام منافذ البيع بتركيب أجهزة نقاط البيع، أيضاً ثلاثة بنوك تستعد لتفعيل الدفع بواسطة Apple Pay، حيث يُمكن العملاء من إتمام عمليات الشراء بأمان في المتاجر وداخل التطبيقات وعلى الويب Apple Pay أسهل من استخدام البطاقة المصرفية، وأكثر أماناً أيضاً، من الأرقام يظهر لنا تباطؤ نمو عدد عمليات الصراف الآلي التي لم تتجاوز 5 % وقد تكون بداية للنمو السلبي مع تطور خدمات الدفع في منافذ البيع وتقليص الاعتماد على النقد في المستقبل.