هل نعرف من نحن؟ هل نعيش أم نحيا؟ وهل نفهم الحياة أو نحفظ الحياة؟ هل اكتشفنا الحياة أم تم تلقينها لنا؟ هل نملك حق الاختيار أم نحن مسيَّرون؟ هذه ليست أسئلة فلسفية وإنما أسئلة لها علاقة بالبعد النفسي والحياتي للإنسان بل والديني حيث الإجابة الدقيقة عليها تظهر صلتنا بخالقنا وتعزز وجوده في حياتنا، نتعرف عليه ونطمئن أقول نتعرف فعلاً لأننا لم نكن نعرفه فمن خلال التربية والدراسة عرفنا الحرام والعقاب الشديد وظننا أن هذا هو الدين وهذا هو الإله! ولأننا لم نعتد الأسئلة والنقاش في هذه المواضيع وفي أغلب مواضيع الحياة أخذنا المعلومات كما هي (فأرعبتنا) كمية المحرمات وشدة العقوبة عليها، وأحجمنا عن الاستزادة في معرفة الله الذي أحسن خلقنا وأعطانا (كامل الحرية) في هذه الحياة في قوله (لمن شاء منكم أن يستقيم) وقوله: (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) ووضع لنا القوانين التي تساعدنا على التنعُّم في الحياة الدنيا والآخرة (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) من الذي حدّد لنا الحياة؟ ومن الذي أغوانا وجعلنا نركز على (شوية) أعمال ظاهرية و(نمشي جنب الحيط)؟ نكبر ونحن نرى الناس متشابهين يعملون نفس الأعمال، وإن اختلفت المسميات ويعيشون ذات الحياة، وإن اختلفت الأماكن والاتجاهات، نتعلم ذات التعليمات التي تعلموها في البيت، وندرس نفس المناهج وطرق التدريس في المدارس والجامعات ونصبح مثلهم في المستقبل أجيال متلاحقة ولا جديد يذكر ولا تحديث يطرأ (وعلى بالنا هذه هي الحياة)..! وحين ننضج الذي يحب التميز والتفرّد ولايعجبه التكرار والتشابه يستخدم عقله وينتبه للخطأ الذي نشأ عليه فيشق طريق مختلفة ويبدأ يتعلم ويستوضح أهدافه ويكتشف الحياة وينسف الكثير من المفاهيم المغلوطة التي تعلمها، يفهم الحرية ويتحمل مسؤوليتها وينعم بها، يتعرف على حق الاختيار المطلق لنا في هذه الحياة ويستمتع به، يضبط بوصلة الحياة لديه فيعرف ماذا يريد وإلى أين يتجه وماذا يعمل تتضح الرؤية فيصبح المشي أجمل والوصول للهدف أمتع. الحياة فيها كل شيء الجميل والقبيح الجيد والسيئ، تحمل كل الأضداد والخيارات فيها لا تنتهي، كل ما عليك فعله اختيار ماذا تريد والسعي فيه، تعلم كيف تختار، ولماذا تختار وما هو الأنسب لك لا تعش حياة غيرك فتلغي ذاتك ولا تبخس نفسك حقها في تمني ما عند الآخرين الذي خلقهم خلقك، والذي جعلهم قادرين جعلك قادراً.