شهدت اقتصاديات صناعة وتجارة النفط الخام العالمية عاماً غير معهود في أحداثه الدراماتيكية التاريخية خلال 2018 حيث كان العام مختلفا جذريا عن الأعوام السابقة في كافة مناحيه من حيث الغموض والتنبؤات غير الصائبة والتوتر والتفاؤل والتشاؤم كنوع من الانفصام في أوساط أسواقه متأثرة بالعقوبات الأميركية على صناعة النفط الإيرانية التي بدأت في 4 نوفمبر والنزاع الجمركي الأميركي الصيني، في وقت كان للمملكة دور محوري في منح الاستقرار لأسواق النفط بعد اجتماع «أوبك+» في فيينا بدعم حليفة أوبك روسيا، واستعداد المملكة لمواكبة خفض أكبر من المتوقع هو العامل الرئيس في خفض 1.2 مليون برميل يوميا لتبث الطمأنينة لسوق نفطية عالمية غير مستقرة بضمان الإمدادات النفطية الآمنة الموثوقة. والتخفيضات كانت استجابة للدلائل المتزايدة على أن أسواق النفط يمكن أن تزداد وفرة في العام 2019، وقد انعكس هذا العرض الزائد المحتمل في الانخفاضات الأخيرة في الأسعار، وقامت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بمراجعة توقعات أسعارها لعام 2019 لبرنت وخام غرب تكساس الوسيط إلى 61 دولارا للبرميل و54 دولارا للبرميل على التوالي، أي أقل ب11 دولارا للبرميل من المتوقع في شهر نوفمبر، ومن المتوقع أن تتحقق ضغوط الأسعار الهبوطية بحلول منتصف العام 2019 من أجل تقليل المخزون العالمي، ومن المتوقع أن يؤدي حجم الانخفاضات الأخيرة في الأسعار مقترنة بتخفيضات الإنتاج في أوبك إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب في 2019 وأن تبقي الأسعار بالقرب من المستويات الحالية في الأشهر القادمة. وتسيدت الولاياتالمتحدة الأميركية المشهد العالمي في إنتاج النفط الخام متجاوزة طاقة روسيا والمملكة العربية السعودية خلال 2018 وحتى العام 2019، لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم وللمرة الأولى منذ العام 1973، وذلك بناءً على التقديرات الأولية لوكالة الطاقة الأميركية على المدى القصير، في وقت تجاوز إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط الخام مثيله في المملكة في فبراير 2018، في حين تجاوز إنتاجها إنتاج روسيا في يونيو وأغسطس 2018 نفس العام وللمرة الأولى، ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة في يناير بإضافة 134 ألف برميل على أساس شهري إلى 8.166 مليون برميل يوميا. وقد مضت الولاياتالمتحدة قدماً على زيادة إنتاج النفط وخاصة من درجات النفط الخام الخفيف بشكل سريع منذ العام 2011، فيما أدى انخفاض أسعار النفط في منتصف 2014 إلى قيام المنتجين الأميركيين بتخفيض تكاليفهم وتقليص الإنتاج مؤقتًا، ومع ذلك بعد ارتفاع أسعار النفط الخام في أوائل 2016 بدأ الاستثمار والإنتاج في الزيادة في وقت لاحق من ذلك العام، وبالمقارنة حافظت روسيا والمملكة على نمو مطرد في إنتاج النفط الخام في السنوات الأخيرة. ويوضح هذا الإنجاز المدعوم بقوة بطفرة النفط الصخري الأميركي والتي أعادت تشكيل المشهد العالمي للطاقة، حيث تضاعف إنتاج النفط الأميركي أكثر من الضعف خلال العقد الماضي، كحدث تاريخي في وقت تمثل ولاية تكساس العصب والمركز الرئيس للطفرة الصخرية حيث نما الإنتاج في حوض «بيرميان» في غرب تكساس إلى حد كبير من المتوقع أن يصل نموه إلى 6,5 ملايين برميل يوميا في 2019. وذكرت أسبوعية «أرامكو» بأن الطلب العالمي على النفط كان قويًا جدًا مدفوعًا بمحرك النمو الاقتصادي ومدعومًا ببيئة الأسعار المنخفضة نسبيًا في السنوات الأخيرة، وفي العام 2018م زاد الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم ليصل إلى أكثر من 99 مليون برميل في اليوم، وجاء أكثر من 80 % من هذه الزيادة من اقتصادات الأسواق الناشئة، ولا سيما الهند وعلى صعيد الطلب على النفط فقد كثرت المناقشات في صناعة النفط حول تطورات النقل والمواصلات، وخاصة السيارات الكهربائية. وقد تم تحقيق إنجاز كبير خلال هذا العام يتمثل في حقيقة أنه وللمرة الأولى تجاوز الطلب العالمي على النفط والعرض حاجز 100 مليون برميل في اليوم خلال النصف الثاني من العام 2018م، ولتلبية الطلب المتزايد على النفط واصل قطاع التنقيب عن النفط وإنتاجه التغلب على هذا التحدي الهائل، وعلى الرغم من وجود منتجين كبار آخرين للنفط في العالم بما في ذلك روسيا، وكندا، والعراق، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، كانت الولاياتالمتحدة مصدرًا رئيسًا للنمو في السنوات الأخيرة من خلال النمو الهائل الذي حققته من الزيت الصخري. وأضافت الولاياتالمتحدة وحدها حوالي مليوني برميل في اليوم على إمدادات النفط خلال العام 2018 وتشكل إمدادات الزيت الصخري من الولاياتالمتحدة الآن جزءًا رئيسًا من إمدادات النفط العالمية بحوالي 10 % حيث تلعب دورًا كبيرًا في تلبية الطلب. وقد واجهت إمدادات النفط في العام 2018م تقلبات أخرى مثل الانخفاض المستمر في إنتاج فنزويلا في خضم الانهيار السياسي والاقتصادي وانخفاض الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج، وتأثير العقوبات الأميركية على صادرات إيران، ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج فنزويلا بمقدار 600 ألف برميل في اليوم في العام 2018 مقارنةً بمستويات العام 2017 ليصل إلى 1.3 مليون برميل في اليوم، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ العام 1949، وفق «أسبوعية أرامكو».