أكد صالح بن عبدالله بن حميد المستشار بالديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام حضور جمع الكلمة ووحدة الصف ونبذ الفرقة والتعاون على البر والتقوى، والإحسان والتكافل في تحقيق إقامة الشرع ونفع الخلق بما يكفل ترسيخ الإيمان وتعزيز الأمن والأمان، كقضية شرعية عميقة وبمعنى سياديّ في النظام الأساسي للحكم في المملكة، وقد تضمن كما في المادة الثانية عشرة «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، وقال: إن تلك المعاني من مكونات الاستراتيجية التي يسعى إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وبمتابعة من ولي عهده الأمين في بناء رؤية المملكة. وأضاف ابن حميد في تصريح بمناسبة انعقاد ملتقى المكاتب التعاونية الذي يقام لأول مرة في المملكة «تحصين وتطوير» وينفذه تعاوني الشفا الجمعة المقبلة برعاية وزير الشؤون الإسلامية عبداللطيف آل الشيخ أن الاجتماع ووحدة الكلمة من مقاصد الرؤية، ومن أدواتها، نبذاً للخلاف والخصومات والتحزبات، وقال: بعون الله وتوفيقه ثم بإرادات واثقة، وأيدٍ ممدودة في العطاء وجمع الكلمة تتخلص الأمة من هذه الخصومات والأحقاد مستهدفة نصرة دين الله، وكرامة الأمة، ومصالح الشعوب، في توجه مخلص لاجتماع الكلمة على منهج السلف الصالح، من أجل انتشال الأمة من أوحال الفُرْقة، وإنقاذها من الأزمات المفتعَلة، لتعود الأمة إلى وحدتها وقوتها، وتسير على صراط الله المستقيم، ودين الإسلام القويم. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن تحقيق الوحدة يسيرٌ - بإذن الله - لتوافر أسباب الاجتماع، وسهولة إزالة الموانع وبخاصة في هذا الظرف الذي تكشف فيه مكر الأعداء، ووضحت فيه توجهاتُهم، وتوظيفُهم لخلافات الأمة، والنفخُ فيها، وتوسيعُ الهوة والفرقة والتناحر، حتى أسالوا الدماء، وفرقوا الديار، ومزقوا المجتمعات، منوهاً إلى أن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - تركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها، وترك فينا ما إن تمسكنا به لن نَضِلَّ بعده، كتاب الله، وسنته - عليه الصلاة والسلام -، وفي التنزيل العزيز: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، وتابع إمام وخطيب المسجد الحرام : إن الدين واحد، والكتاب واحد، والقبلة واحدة، والدار واحدة، والمصير واحد. وإن المسلمين تحيط بهم معيةُ الله وعنايتُه إذا اجتمعوا على ما أمرهم به من توحيده وحسن عبادته، فإذا تفرقوا زالت السكينة، وأوقع الله بأسهم بينهم، وفسدت أحوالهم، وقال: «الطاعة والجماعة هي حبل الله الذي أمر بالاعتصام به». وأشار ابن حميد إلى أن الكتاب والسنة أصلان ثابتان محفوظان لا عدول عنهما، ولا هدى إلا منهما وبهما، والعصمة والنجاة لمن تمسك بهما، لافتاً إلى أن المسلمين تجمعهم وحدة العقيدة، ووحدة الشعائر والمشاعر في عباداتهم، وأخلاقهم، وتعاليمهم، وتحكيم الشرع فيهم، وهي وحدة إسلامية تصغر أمامها الأحقادُ، والثاراتُ، والأطماعُ، والراياتُ، والعنصرياتُ، والمذهبياتُ، والفرقُ، ويجتمع الجميع تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله، والله أكبر، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وكذلك وحدة دينية ثقافية اجتماعية تجتمع على حب هذا الدين والتمسك به، وإعزازه، ورفع منار الإسلام، وأكد ابن حميد أن لزوم منهج السلف الصالح هو السبيل لوحدة الأمة على قواعد الشريعة وأصولها المستمدة من نصوص الوحيين، وإن أمة الإسلام مرحومة، ولئن تنوعت منازلهم ومقاماتهم، فإنهم متحدون في منهجهم، ومقصدهم، منهم المجاهدون، ومنهم العلماء والدعاة، ومنهم الولاة المصلحون، ومنهم الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر، ومنهم العامة المستقيمون على طاعة الله ورسوله يؤدون حقوق الأمة وحقوق ولاة الأمر كما أمر بها الشرع، ويؤكد إمام المسجد الحرام أنه إذا تحقق الإخلاص والسمع والطاعة ولزوم الجماعة وحسن النصيحة حينئذٍ لا يقوى على قلوب أهل الإسلام مرض ولا نفاق؛ لأن إخلاص العمل لله، والاجتماع على ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، هي التي تجمع أصول الدين وقواعد الائتلاف وتجمع حقوق الله وحقوق عباده وتنتظم بها مصالح الدنيا والآخرة وقد حذَّر علماء السلف من مسالك التحزب والتفرق.