البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    ماجد الجبيلي يحتفل بزفافه في أجواء مبهجة وحضور مميز من الأهل والأصدقاء    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    الشركة السعودية للكهرباء توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل في مجال الطاقة المتجددة والتعاون الإقليمي في مؤتمر COP29    محترفات التنس عندنا في الرياض!    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    استعادة التنوع الأحيائي    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    رينارد: سنقاتل لنضمن التأهل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    الذاكرة.. وحاسة الشم    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليم التفكير النقدي الفلسفي
نشر في الرياض يوم 04 - 01 - 2019

قرار تدريس التفكير النقدي الفلسفي الذي اتخذته المملكة السعودية، قرار حكيم لا بد من تثمينه والتصفيق له، وتوعية جميع السعوديين بأهميته للحاضر والمستقبل. وهذا فعلا ما بدأنا نلاحظه من خلال بعض المنابر كجريدة الرياض ومجلة اليمامة. في عدد 2539 من هذه الأخيرة بتاريخ 27/ 12/ 2018، يستطيع القارئ الاطلاع على مقال السيد محسن علي السهيمي "الفلسفة...تساؤلات ما بعد الإقرار"، وهو مقال ممتاز حدد الشروط الصحيحة لتدريس الفلسفة. وفيما يمكن اعتباره ملحقا ثقافيا يصدر باسم "ثقافة اليوم" في جريدة الرياض كل سبت، بإمكاننا متابعة مقالات جريئة تتناول الفلسفة وتدريسها (عدد 29/ 12/ 2018 على سبيل المثال).
من خلال ما جاء في الأوراق المذكورة، ندرك مدى الاهتمام بضرورة توفير كل الشروط لإنجاح مشروع تعليم التفلسف والسير به قدما إلى الأمام. إن الجميع متفق على أن الغاية هي تكوين شخصية مستقلة في تفكيرها ومنهجية في بحثها عن الحقيقة، بعيدا عن كل تزمت ودوغمائية وتعصب. كما أن هناك اتفاقا حول استبعاد "الممارسات البائدة المتمثلة في تقويم الطالب بناء على مدى قوة ذاكرته في تخزين المعلومة واستردادها على ورقة الامتحان" (فيصل بن عبدالله السويدي)، والطرائق التقليدية التي لا تخرج عن "حشد سلسلة معلومات وأسماء ونظريات ومصطلحات وتواريخ مطلوب من المعلم الوفاء بها، ما يلجئ المتعلم إلى استدعاء عملية الاستظهار للمحتوى، ومن ثم تفريغه في ورقة الاختبار" (محسن علي السهيمي).
دوما ما يطرح تدريس الفلسفة مشكلة المحتوى: هل نُدرس تاريخ الفلسفة أم نُعلم طريقة التفلسف؟ يكتفي دارس العلم بتعلم منهجية البحث العلمي وآخر ما توصل إليه العلماء من قوانين ونظريات. ولا يدرس مسار علم ما سوى المشتغل بالإبستمولوجيا و/أو فلسفة العلوم. في المقابل يفرض تاريخ الفلسفات نفسه على طالب هذا التخصص في الجامعة، لكن هل يقتضي الأمر في التعليم الثانوي التركيز على المعلومات التاريخية ومطالبة التلميذ باستظهارها، أم الاكتفاء فقط باستحضارها كخلفية لا محيد عنها في عملية التفلسف الشخصي؟
إذا كان الغرض هو تعليم التفكير العقلي النقدي المستقل، فإن مهمة المُدرس يجب أن تتوجه رأسا إلى هذا الهدف دون إغراق أذهان المتعلمين بالمعلومات التاريخية التي بإمكانهم البحث عنها بأنفسهم كنوع من الواجب المنزلي. ولا بأس من تقديم الأستاذ لبعض الإضاءات التاريخية الضرورية أثناء اشتغاله مع المتعلمين على موضوع ما؛ إذ لا بد للمتعلم من معرفة التيارات الفلسفية ومميزات هذه الفلسفة أو تلك. وتبقى معرفة المنهجية الفلسفية والمفاهيم الفلسفية العامة "كالسبب؛ الضرورة؛ الحتمية؛ الجوهر؛ الأعراض؛ الماهية؛ القيمة؛ القبلي؛ البعدي.. إلخ" شيئا أساسيا لكل فكر يريد التفلسف والخوض في الانشغالات الإنسانية العامة التي ما فتئ الفلاسفة يدرسونها.
إن هذه الأخيرة "كسؤال التقنية، وأخلاقيات البيوتكنولوجيا، والمتعة الجمالية، والعنف، والعدالة، والحق، والمعرفة العلمية.. إلخ" هي ما يجب الاشتغال عليه، على أن يتم البدء بفحص التمثلات الأولية للمتعلمين حول الموضوع "أو المفهوم"، ثم الانتقال إلى بناء الإشكالية التي انطلاقا منها يمكن تحليل نصوص لفلاسفة تطرقوا لتيمة الدرس، على أساس أن يخلص التلميذ في النهاية إلى بناء موقف شخصي من المسألة، ويكون قادرا على الدفاع عنه بحجج عقلية تتوخى إقناع الآخرين به. يُمكّن الاشتغال على النصوص الفلسفية من التعرف إلى اللغة الفلسفية، واستحضار تفكير الفلاسفة الماثل في خطابهم؛ أي الوقوف على كيفية اندهاشهم، وطريقة تساؤلهم، ومنهجية حجاجهم، وتسلسل استدلالاتهم، وبناء ردهم على الخصوم أو دحضهم لأطروحاتهم.. إلخ. ولن يكون موضوع الاختبار هو المعلومات المخزنة في الذاكرة، بل قدرات الممتحن على التفكير العقلي الشخصي في إشكال فلسفي، والتعبير عن ذلك بخطاب يجمع بين المساءلة والفهم والتحليل والحجاج والمناقشة والنقد والتركيب، وبأسلوب فلسفي عقلي.
لا بد لإنجاح ما سبق ذكره، أن تكون النصوص مختارة بشكل جيد، ومترجمة بشكل دقيق، يضمها كتاب محكم الإنجاز؛ ولا بد أن يقوم بمهمة التعليم أساتذة أكفاء متمكنون من مادة الفلسفة ومن طرق تدريسها؛ ولا بد أيضا من توافر المتعلمين على القواميس الفلسفية المعينة لهم في تعلمهم وأبحاثهم المنزلية. تزويد المكتبات المدرسية بكتب الفلاسفة وبالفيديوهات المتعلقة بالتفكير الفلسفي ليس ترفا كما قد يعتقد. إن تحقق ما ذكر فسيضمن لا محالة شروط نجاح التفلسف الذاتي والتفكير الناقد الذي تنشده المملكة.
* مدرّس فلسفة من المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.