يفتقد اليوم الفقراء والنساء والأطفال المعوزون في العالم العربي وأفريقيا رجلاً كرس حياته من أجلهم. إنه الأمير طلال بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي بادر بتأسيس برنامج الخليج العربي للتنمية أجفند عام 1980م، حيث كان يطرق أبواب الحكومات ويرغبهم في مد يد العون لبرامج الاستدامة من أجل النهوض بالإنسان واستدامته في مجتمعات عدة. يرقد الأمير طلال بن عبدالعزيز بسلام بعد أن رفع لواء التنمية ليمتد لأكثر من مليوني مستفيد (أغلبهم من النساء) وحسب إحصاءات البرنامج فقد ارتفعت مبالغ القروض المصروفة إلى 300 مليون دولار. وهنا لا يسعنا إلا أن نتقدم لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده ولكافة الأسرة المالكة ونخص بالعزاء أصحاب السمو الملكي الأمراء أبناء وبنات الأمير طلال بخالص التعازي وصادق المواساة سائلين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته. إن برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) كان يقوم بشكل مباشر على الأمير طلال بن عبدالعزيز صاحب اليد البيضاء في هذا البرنامج السخي الذي يهدف لتأمين الاستدامة والتنمية والحد من الفقر البشري كما يحارب لتمكين الفئات الضعيفة (النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمشردين واللاجئين) من أجل ممارستهم لحقوقهم المدنية في مجتمعاتهم وقيادة حياة كريمة اجتماعياً واقتصادياً، مع تحسين مستويات المعيشة. منذ عام 1980م وبمبادرة من الأمير طلال -رحمه الله- والبرنامج ينفذ ويوفر الدعم للفئات المحرومة لتسهيل وصولهم الكامل للاحتياجات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، وذلك في إطار التشريعات الوطنية والدولية المنصفة من أجل النظام الأمني والسلمي. لقد عمل الأمير الراحل بكل وقته وكان يبذل جهده ليكون (أجفند) مساهماً في مشروعات التنمية البشرية دون تمييز، يتم من خلاله دعم شركائها ويتم تنفيذه من قبل منظمات الأممالمتحدة الإنمائية والمنظمات الدولية والإقليمية، ووكالات الحكومات والمنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العالم النامي. في أحد اللقاءات التي حضرتها كان الأمير يبذل كامل جهده ليوائم بين مؤسستين تعمل في الصالح الخيري وهما برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة. وكنت ألاحظ حماسه ودفاعه عن هذه الفئات التي ترعاها هاتان المؤسستان العريقتان اللتان تعنيان بنهوض الفرد ليكون منتجاً بمجتمعه دون أن يكون عالة على أحد. لقد عمل الأمير طلال بن عبدالعزيز -رحمه الله- وكرس وقته وجهده في صالح برنامج أجفند سواء في المملكة أو خارجها، حيث أطلق -رحمه الله- مبادرته لتأسيس بنوك الفقراء في المنطقة العربية، وكان مقتنعاً بجدوى هذه البنوك المتخصصة وفعالياتها. لقد عمل -رحمه الله- وتبنى قضية التنمية البشرية والاستثمار في الكوادر البشرية التي كان يصفها ويعدها أحد المطالب الحياتية التي تحقق الاستدامة، وتمثل عاملاً أساسياً في بناء الإنسان الذي يستطيع المشاركة والإسهام في تقدم مجتمعه. اليوم سيقف برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) احتراماً لهذا الأمير الذي كرس حياته لدعم مشروعاته من أجل حياة الإنسان دون تمييز في دينه وعرقه ولغته. وسيظل يستذكر مبادراته ورعاياته لعدد من المشروعات التي يجب ألا تتوقف من أجل التنمية المستدامة للإنسان، وكان الأمير طلال -رحمه الله- دائماً ما يردد قوله تعالى: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب). وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) يترجم هذه الآية في جميع برامجه.