نعتقد أن تخصيص القطاع الرياضي نجح عالمياً وبامتياز في استقطاب الشركات العملاقة للاستثمار في هذه الصناعة الحيوية مستفيدة من زيادة أعداد الشباب وشغف الجماهير بالرياضة بشكل عام، لذلك فإن صناعة الرياضة تعتبر من أهم الروافد الاقتصادية في الكثير الدول المتقدمة حيث تبلغ قيمة هذه الصناعة مئات المليارات من الدولارات وتفتح مئات الآلاف من فرص العمل للشباب، وتساهم في تحقيق أفضل الإنجازات الرياضية، والتجارب العالمية الناجحة في تخصيص الكثير من القطاعات تؤكد أن التخصيص كخيار استراتيجي يساهم في معالجة العديد من المشكلات الاقتصادية، ولا شك أن نجاح تخصيص الرياضة مرهون بمدى كفاءة الدراسات والاستشارات الفنية والقانونية والمالية الاقتصادية في معالجة الصعوبات التي تختلف بحسب طبيعة الدول. ومن جهة أخرى يبدو أن قطاع الرياضة أصبح في مفترق الطرق بين مواصلة الاعتماد على الإعانات الحكومية ودعم مجالس الإدارة المحدود أو التحول إلى صناعة رياضية متطورة تواكب مثيلاتها في الدول المتقدمة من خلال إنشاء كيانات استثمارية قادرة على تمويل احتياجاتها والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية والاستثمار في بناء الإنسان، حيث لم تعد الرياضة مقتصرة على مجرد ممارسة النشاط البدني بقصد التسلية والاستفادة الجسدية والنفسية والعقلية، كما هي الحال في ثقافة الرياضة التقليدية لترفيه الشباب وإبراز مواهبهم وقدراتهم الرياضية وإشغال أوقات الفراغ ووقايتهم من الانحرافات الأخلاقية والفكرية والجنوح للجريمة بكل صورها وأشكالها وغير ذلك من الفوائد الثقافية والاجتماعية والسياسية. وكما أسلفنا فإن اعتماد الأندية الرياضية مالياً على الدعم والإعانات وغيرها من مصادر الدخل مثل مبيعات التذاكر أو حقوق النقل التلفزيوني أو المبيعات الدعائية والحقوق الإعلانية ربما كان كافياً لتسيير بعض الأمور المالية الأساسية للأندية السعودية للوفاء بمتطلبات الأنشطة الرياضية في حينها، أما في الوقت الراهن فعلى سبيل المثال فإن تكلفة عقود بعض اللاعبين المحترفين الدوليين تفوق ميزانيات بعض الأندية المحلية، بمعنى أنه لا يمكن ردم الفجوة بين نظامي الاحتراف المحلي والدولي، والوفاء بالاحتياجات المالية المتزايدة للرياضة، إلا من خلال إعادة قراءة ملف التمويل والبدء في تخصيص صناعة الرياضة وتطويرها فعلياً، والاستثمار في إعداد اللاعبين الرياضيين فكرياً وفنياً وبدنياً، والاهتمام بتدريب وتطوير المواهب الصغيرة وصقلها محلياً ودولياً. ونخلص إلى أن تخصيص صناعة الرياضة كخيار استراتيجي لن يتحقق دون وضع الأطر القانونية والمالية والفنية الملائمة وتذليل الصعوبات التنظيمية والاستثمارية والتعرف على أفضل المعايير والنماذج الدولية الناجحة واختيار الشكل القانوني المناسب كشركة مساهمة أو غير ذلك سواء بنقل الملكية أو الإدارة أو الإيجار أو الامتياز التجاري، ويبقى التخصيص نوعاً من الشراكة والتطوير والاستثمار طويل الأجل وتحقيق الربحية من خلال عمل متخصص ومنظم وقرار جماعي لمجالس الإدارة والجمعيات العمومية بعيداً عن الفردية المطلقة، ونعتقد أن الاستفادة من الكفاءات الوطنية الناجحة التي تمتلك كفاءة وخبرة متخصصة في مجال الرياضة والإدارة والاستثمار يمكن أن يساهم في نجاح تخصيص صناعة قطاع الرياضة وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.