تفاؤل كبير ساد الأوساط الاقتصادية بعد الإعلان الرسمي عن ميزانية الدولة للعام القادم 2019 حيث سجل معدل الإنفاق أعلى رقم مقدر في تاريخ الموازنات السعودية بعد أن اكتملت منظومة الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة المالية العامة وتحقيق أهم المبادئ في مجال الشفافية والعدالة والتي سوف تحقق للدولة وفورات مالية عند طرح المناقصات والمشاريع بعد أن أكملت وزارة المالية رقمنه المنظومة المالية بدءًا من طرح المناقصات وتسعيرها واعتمادها وصرف مستحقات القطاع الخاص في زمن قياسي عبر منصة اعتماد وهذا من شأنه تحفيز القطاع الخاص للدخول في المناقصات الحكومية وأيضاً يمكنهم من الحصول على التمويل المناسب من البنوك وبأسعار تمويل عادلة حيث أصبح بإمكان البنوك الاطلاع على عقود القطاع الخاص مع الحكومة وحجم التدفقات النقدية المتوقعة وبالتالي وضع الدراسة الائتمانية التي تحقق مصلحة جميع الأطراف وخفض نسب التعثر في سداد التمويل أو حتى التعثر في تنفيذ المشاريع. الدولة تستهدف في ميزانية العام القادم تحفيز القطاع الخاص بعد أن تأثر خلال السنوات الماضية بعمليات الإصلاح الاقتصادي وبالنظر إلى الأرقام التي سوف تنفقها الحكومة العام القادم نجد أن حوالي 248 مليار ريال خُصصت للإنفاق الرأسمالي وهذا سوف يدعم بشكل مباشر القطاعات التي تعمل في التشييد والبناء وما يتبعها من صناعات تختص في مواد البناء والإسمنت والصناعات الحديدية وهي تمثل حوالي 50 % من الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية مما يعني أن هنالك تحولاً كبيراً في مستوى ربحية تلك الشركات سوف تظهر في نتائجها المالية بدء من الربع الأول من عام 2019 وهو الموعد المحدد مسبقاً لدخول مؤشر السوق السعودية الفعلي في مؤشرات الأسواق الناشئة وهذا يعني أن هنالك استثمارات أجنبية سوف تضخها الصناديق الاستثمارية التابعة لتلك المؤشرات في سوق الأسهم السعودية وهذا يحقق أحد أهداف رؤية المملكة 2030 والتي تهدف إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي بعد إصلاحات كبيرة للأنظمة ورفع مستوى الشفافية وتفعيل الحوكمة ودعم الشركات لتحقيق معدلات نمو تفوق نظيراتها في الأسواق العالمية. الإيرادات غير النفطية تشهد هي الأخرى معدلات نمو كبيرة جداً سوف تصل حسب التقديرات الحكومية إلى حوالي 303 مليارات ريال في 2019 وصولاً إلى 400 مليار ريال في عام 2021 وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك قدرة الحكومة على تحقيق الهدف الأهم في رؤية 2030 وهو رفع قيمة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 1 تريلون ريال مع اكتمال المنظومة الاستثمارية للدولة المتمثلة في الذراع الاستثماري (صندوق الاستثمارات العامة) حيث وصلت أصوله إلى 1.5 تريليون ريال ومتوقع أن تصل إلى 2.2 تريليون ريال في عام 2020 وهذا النمو العالي في أصول الصندوق مع التنوع في المجالات الاستثمارية التي تعتمد على ثلاثة مجالات رئيسية في استراتيجيتها قد تحقق معدلات نمو أعلى بكثير من الاستثمارات التقليدية السابقة التي كان يعتمد عليها الصندوق والمجالات الجديدة هي الاستثمار في التقنية والاستثمار في السياحة والاستثمار في الطاقة والصناعة والتعدين وبالتالي سوف يتحقق للدولة استدامة في الإيرادات بعيداً عن تقلبات أسعار النفط وبالتالي تستطيع وضع الاستراتيجيات بعيدة المدى وتحقيقها. منظومة الحماية الاجتماعية للمواطنين كان لها أولوية في ميزانية هذا العام بعد أن أقرت الحكومة إعادة صرف العلاوة السنوية وتمديد بدل غلاء المعيشة سنة إضافية وعدم رفع أسعار الطاقة وهذا من شأنه تحسين مستوى المعيشة والتوقعات تشير إلى تراجع مستويات التضخم بعد أن شهدت نمواً يقدر بحوالي 2.6 % خلال العام الحالي 2018 بعد رفع أسعار الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة ومع أن ارتفاع التضخم سجل معدلات نمو أقل من المتوقع إلا أن السنوات القادمة حسب تقديرات الحكومة سوف تشهد تراجعاً سنوياً إلى أن يصل إلى حوالي 1.9 % في عام 2033 وهو رقم عادل يصب في مصلحة المستهلك ويعطي إشارات جيدة للنمو الاقتصادي للدولة. البطالة أيضاً سوف تكون من ضمن أولويات الإنفاق الحكومي العام القادم وبحسب تصريحات سمو ولي العهد لوكالة بلومبيرج فإن التحسن في معدلات البطالة سوف يظهر خلال عام 2019 وهذا واضح من خلال المبادرات التي تقوم بها وزارة العمل وكذلك الانفاق الرأسمالي الذي سوف ينشط القطاع الخاص وتوليد المزيد من الوظائف للموطنين وخصخصة القطاعات الحكومية بالإضافة إلى البدء في تنفيذ المشروعات العملاقة مثل مدينة نيوم ومشروع القدية والبحر الأحمر والديسة وفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي في مجال الطاقة من خلال إنشاء مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) التي تستهدف جذب شركات عالمية عملاقة في مجال الطاقة بالإضافة إلى شركة أرمكو والتي سوف تحقق أثراً اقتصادياً وطنياً على المدى البعيد، يشمل ذلك توفير 100,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وإضافة 22.5 مليار ريال للناتج المحلي الإجمالي سنويًا، وتوطين أكثر من 350 منشأة صناعية وخدمية جديدة، وخلق قاعدة صناعية تساعد على الابتكار والتطوير والمنافسة العالمية، كما أنه متوقع أن يتم الانتهاء خلال الربع الأول من العام القادم من نظام التعدين الذي سوف يساعد في الترخيص لشركات سعودية وأجنبية للاستثمار في استخراج الثروة المعدنية التي تقدر بحوالي 5 تريليونات ريال وهي مجال خصب لتوليد الوظائف وخفض معدلات البطالة. أرباح الأنشطة