حاولنا في المقال السّابق تقديم إجابة للسّؤال المتكرّر عن المفاضلة بين تعيين رئيس تنفيذي من داخل العائلة أو من خارجها ووصلنا إلى نتيجة أنّه لا يوجد تفضيل مطلق لأيّ من الاختيارين، في هذا المقال نستعرض واقع الحال في المنشآت العائليّة من خلال بعض الأمثلة في منهجها في تعيين الرّئيس التّنفيذيّ ونناقش كلّ حالة على حدة. واقع المجموعات العائليّة أنّ معظمها يدار من خلال أعضاء العائلة نفسها لذلك فإنّ تعيين عضو من العائلة هو المسار الطّبعي للمجموعة العائليّة فيتمّ أحيانا تعيين الأكبر سنّا أو الأكثر خبرة وتعليما في منصب الرّئيس التّنفيذيّ، إنّ تعيين مرشّح من العائلة لمهمّة الرّئيس التّنفيذيّ - كما في هذه الحالة - أفضل من تعيين عضو من خارج العائلة بشرطين؛ الأوّل أن يحظى هذا العضو بثقة بقيّة أعضاء العائلة ولديه قبول عام الأمر الّذي سيعزّز من صلاحيّاته، والشّرط الثّاني أن يكون لدى هذا المرشّح الوعي بأهميّة الحوكمة ولديه الشّغف لتطبيقها. إذا توفّر الشّرطان المشار إليهما فإنّ الرّئيس التّنفيذيّ المعيّن من العائلة سيحسّن من جميع الممارسات في المنشأة ويرقى بمستوى تطبيق الحوكمة فيها وستكون المنشأة في نهاية المشروع التّطويري قادرة على تقبّل قيادة رئيس تنفيذيّ جديد من خارج العائلة بيسر وسهولة. بمعنى آخر إذا وجد من داخل العائلة من يتمتّع بروح القيادة ولديه الوعي والتّأهيل الكافي لتطبيق الحوكمة وتحمّل كامل المسؤوليّة فهو الخيار الأمثل لتحقيق هدفين استراتيجييّن رئيسين: 1. القيام بمهام الرّئيس التّنفيذي للمرحلة الأولى؛ 2. تهيئة المنشأة -بعد رفع مستوى تطبيق الحوكمة فيها- لأن تتقبّل قيادة رئيس تنفيذيّ من خارج العائلة للمرحلة الثّانية متى مادعت مصلحة المنشأة لذلك. ماذا عن المجموعات العائليّة التي تفتقر إلى وجود مثل هذا القائد المشار إليه؟ هذا هو الوضع السّائد في معظم المنشآت العائليّة فهي من جهة تفتقر للقائد الفرد الّذي يستطيع قيادة تنفيذ مشروع فصل الملكيّة عن الإدارة ومن جهة أخرى فإنّ المنشأة ليست مهيّأة بعد لاستقبال رئيس تنفيذيّ من خارج العائلة لأنّه سيعاني كثيرا بسبب ضعف تطبيق الحوكمة وستتضاءل فرص نجاحه في تطوير المنشأة. في مثل هذه الحالة يصبح تعيين رئيس تنفيذيّ من خارج العائلة أمرا حتميّا وليس اختياريّا لذلك تقودنا هذا الحالة إلى صياغة جديدة لسؤال هذه السّلسلة ليكون «إذا كان مستوى تطبيق الحوكمة في المنشأة العائليّة ضعيفا ولم يكن لديها قيادة من داخل العائلة قادرة على رفع مستوى تطبيق الحوكمة وممارساتها فكيف تختار رئيسها التّنفيذيّ؟». إنّ الوضع المثالي الّذي ينصح به أن تتّخذ المنشأة خطوة تسبق قرار اختيار الرّئيس التّنفيذيّ وذلك بتعيين مستشار مستقلّ يساعد المنشأة في تأسيس مجلس إدارة فاعل كخطوة مهمّة لفصل الملكيّة عن الإدارة، بعد ذلك تأتي بالتّوازي مع هذا العمل مهمّة ترشيح رئيس تنفيذيّ وعندها سيكون أمام مجلس الإدارة الجديد حيال منصب الرّئيس التّنفيذيّ ثلاثة خيارات؛ أن يكون الرّئيس المرشّح من داخل العائلة مع شيء من التّوجيه والتّدريب؛ والاختيار الثّاني ترشيح أحد القيادييّين في المنشأة (ممّن ليس من العائلة) والاختيار الثّالث استقطاب مرشّح من خارج العائلة ومن خارج المنشأة.