من أبرز سمات هذا العصر شعورنا بالانشغال الدائم وأن ساعات اليوم لم تعد كافية لفعل كل شيء نريده.. أسباب كثيرة تقف خلف هذه الظاهرة (أهمها) انقلاب عاداتنا اليومية واختلال ساعتنا البيولوجية. أيام جدي وجدك، كانت الشمس تحدد للناس موعد نومهم واستيقاظهم.. كان الغروب يعني النوم، والشروق يعني الاستيقاظ.. كان الليل لباساً، والنهار معاشاً، وكانت ساعات اليوم كافية لفعل كلا الأمرين. غير أننا فقدنا هذه النعمة باختراع الكهرباء وإضاءة المصابيح ليلاً.. لم يعد بإمكاننا النوم قبل منتصف الليل، ولا الاستيقاظ قبل شروق الشمس (خصوصاً في ظل الستائر الثقيلة التي تحجب ضوء النهار). وبمرور الأجيال اختلت ساعتنا البيولوجية، وكثرت اضطرابات النوم، وأصبحت الفتيات يبلغن في سن مبكرة (كون استمرار الإضاءة الليلية يوحي للجسم بسرعة توالي الليل والنهار). الأسوأ من ذلك ظهور اعتقاد ساذج مفاده أن النوم مبكراً من صفات العجائز وكبار السن، وأن النوم متأخراً من طبيعة الشباب والحياة المودرن، وأصبح السهر ذاته مدعاة للتباهي.. غير أن الاستيقاظ مبكراً استراتيجية فعالة لرفع مستوى الكفاءة وزيادة عدد الساعات الفعالة في حياتك (وابحث في النت عن مقال: الساعات غير الفعالة في حياتك).. العصاميون والناجحون (مثل بيل غيتس وستيف جوبر وغازي القصيبي وصالح الراجحي) كانوا يبدؤون يومهم قبل الخامسة فجراً.. ينجزون أعمالهم قبل حضور موظفيهم، ويستغلون فترة التألق الذهني (التي يشعر بها من يستيقظ فجراً) قبل تناول غيرهم لجرعته من الكافيين. كل إنسان يستيقظ فجراً يشعر بسكينة وانشراح وتألق ذهني لا يشعر بها معظم الناس.. يشاهد شروق الشمس ويشعر بنسيم الصبح وينجز مهامه في وقت قياسي.. وفي المقابل كم مرة شعرت بالكآبة والخمول وضيق الوقت حين تستيقظ متأخراً وتذهب لعملك مكرهاً أو متأخراً أو نصف نائم. الحل هو أن تتعلم النوم مبكراً، والاستيقاظ مبكراً، وتطفئ أضواء المنزل بعد السابعة مساء.. بهذه الطريقة تستيقظ سعيداً وتشعر بأنك تملك يومك وتتحكم بوقتك وتسيطر على حياتك.. تربح ساعات إضافية وتسبق الازدحام المروري وتصل لعملك مبكراً وتتخلص من تأجيل مهامك لليوم التالي.. تستطيع المشي صباحاً، ورؤية أطفالك قبل ذهابهم للمدرسة، وتناول فطورك في توقيت يناسب ساعتك البيولوجية (الأمر الذي ثبتت فعاليته في تخفيف السمنة ومقاومة النمط الثاني من السكري). لست متزمتاً ويمكنني تفهم فكرة السهر في المناسبات ونهاية الأسبوع، ولكن أن يكون عادة يومية، فهذه من دون شك هدر للوقت ومضيعة للعمر ووصفة للفشل.. لا تحتاج لمن يخبرك بذلك ولكنني سأختصر الفكرة في أربع كلمات فقط: (بورك لأمتي في بكورها).