تربطني بالدكتور عبدالرحمن الصالح الشبيلي علاقة إعلامية من ستينات القرن الماضي، بدايتها كانت غير مباشرة استمرت مدة ليست يسيرة، أما الأخرى المباشرة فجاءت منجمة حسب المناسبات التي نلتقي فيها وجهاً لوجه، فهو إعلامي عريق عاصر الإعلام المسموع والمرئي الحديث، فكنت أستمع إليه عبر المذياع عند بداية بث إذاعة الرياض، وأشاهده مذيعاً على شاشة تلفزيون محطة الرياض التي تلت الإذاعة بمدة بسيطة، وفي وقتها كنت أخطو في بداياتي الصحفية في المجال الثقافي بشكل عام، وكانت اللقاءات المتعلقة بالصحافة والثقافة التي تجمع هي السبيل التي أوصلت بيننا مواجهة والكتابية منها كانت أكثر، وبمرور الزمن تطورت ونمت باتساق سلس، وبمتابعتي لمراحل اجتهاداته ومثابراته على الارتقاء بثقافته وعمله وسعيه المساهم في تقديم وإعداد البرامج قبل وبعد أن يصبح مسؤولاً عن تلفزيون العاصمة «الرياض» الذي عمل فيه بحماسة في عملية تحد مع الذات، وسار في طريق التطور العلمي والعملي ليتنقل من عمل إلى عمل لا يحيدان عن الإعلام والعلم مجتهداً في خدمة الوطن. في شبه ندوة ذات طابع أخوي كان مهندسها الأستاذ الشوري الأديب عبدالله الناصر ضمت الناقد والناشر عبدالله الماجد، والكاتب الحالي الشوري سابقاً حمد القاضي، وزميل الميدان في التحرير الثقافي د. إبراهيم التركي، وكاتب السطور، كانت الأيدي تتناول كتباً ثلاثة صدرت حديثاً جميعها في دائرة ومحيط الأدب، أولها في السيرة الذاتية للدكتور عبدالرحمن الشبيلى، وثانيها في البحث والنقد الأدبي التحليلي عن رباعيات الخيام لعبدالله الماجد، والثالث ديوان شعر للدكتور إبراهيم التركي، وفور عودتي إلى الدار كانت النفس تواقة إلى البداية بقراءة كتاب «مشيناها/ حكايات ذات» للشبيلي لأنني يحدوني الشغف الذي يشبه الفضول لمعرفة حياة المثقفين خاصة عندما يرسمون أنفسهم بأقلامهم، أما من يكتب عن حياتهم بأقلام غيرهم فاهتمامي به لا يوازي الأول. يستهل الشبيلي كتابه ببيتن من الشعر ذكر أنهما ينسبان لعبدالعزيز الدريني، وقيل لأبي العلاء المعري: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطة مشاها ومن كانت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها وقدم الكتاب بكونه لم يرد أن يكتب عن ذاته، وأنه لم يصل إلى أن يروي عن حياته وتجاربه التي لا تقارن بحياة وتجارب الكبار ولا تتماهى مع تراجم المبدعين، وهو في تواضعه يرسم صورة الواثق بأن لديه ما يستحق أن يقال، ولا كل ما يعلم يقال في جميع السير الذاتية لابد أن يتجاهل كتابها عنوة أشياء ذاتية وعامة لأسباب يقدرها ويزنها صاحب العمل. مشيناها كتاب يحتم الوقوف عنده مرة أخرى لأدخل في العرض المباشر المفصل لأنه يحتوي على الكثير من المعلومات التي تحتوي على إفادة الفرد والمجتمع مراعياً الاختصار خاضعاً للمساحة المتاحة للزاوية.