المملكة العربية السعودية بثقليها السياسي والديني محمّلة بكثير من الأثقال التي تجعلها تنخرط في مناشط دولية، إما لدعم قضية هنا وإما للمساهمة في إعمار هناك، وإما في تحالف ينظم سوقا ما لضبطه من العبث والفوضى.. إلخ، وكل هذه الأمور يدخل بعضها في إطار الواجب، والبعض الآخر في مجال التطوع لمملكة الإنسانية، كل تلكم الأمور السياسية مقبولة ومتوافقة مع رؤيتنا الحلم إن كان لها تأثير مباشر وملموس، ويحقق أهداف برامج الرؤية، ويخدم مصالحنا السياسية، فالسياسة برمتها ترتكز على المصالح وليس العواطف، وقد آلت هذه الرؤية إلى أن تمضي بأهدافها الرائعة دون أي ثقل قد يعيق حركتنا في الساحة الدولية، ويعطل عجلة تنميتنا الداخلية، وقد جاءت وفي الوقت المناسب للتخلص من جميع الأعباء السابقة، والالتزامات الماضية، والتركيز على مصالح المملكة، وفي الأخير عندما ننجح في رؤيتنا، ونكون الأقوى في جميع المجالات بعد احتواء أي مشكلات لتأتي جميع الأمور الثانوية الدولية إلينا فوق طاولة مفاوضات لنا اليد العليا فيها، فالعالم الآن وكما هو واضح للعيان لا يحترم إلا القوي، وقد منّ الله علينا في هذا العهد المجيد بأن تحولنا من منطقة الدفاع إلى الهجوم في الملعب السياسي الدولي، وعدنا إلى مركزنا الأصلي كصاحب القرار المؤثر في الشرق الأوسط. من عاش أربعة عقود في هذا البلد المعطاء لا يخفى عليه رواج مفهوم الأمة خلال تلك الحقبة، وسيطرة الأممية على هموم الناس وشغفهم وربط أحلامهم بتلك الأساطير المغشوشة على حساب الوطن، فقد تسيد للمنابر أناس مهووسون بأكذوبة الأمة، وتحت غطاء ديني عاطفي، فسيطروا على الرأي العام للمجتمع، ما جعل الاحتفاء بيوم توحيد هذا البلد المبارك محرما! فلم يكن المواطن البسيط يستشعر نعمة هذا البلد وخيراته، والدعاء لمن أحدث معجزة توحيد هذه القارة الجغرافية، وأسسها على شرع الله المتين؛ لأنه وبكل بساطة قدره أن يكون مشغولا وحزينا على هموم الأمة، لقد أضعنا كثيرا من الفرص التي تزرع حب الوطن والمواطنة الإيجابية للنشء والشباب؛ لأننا تركنا فراغا تم ملؤه من قبل رموز الصحوة، الذين يبشرون بالخلافة، ولا يعترفون بحدود الوطن أو مفهوم الدولة الحديثة! مقابل ولاءت خارجية لأحزاب مارقة ورموز كرتونية. الوعي - ولله الحمد - في تزايد لدى الشباب، فقد تكشفّت كثير من الحقائق، وزالت الضبابية، وضغوط الأحداث الإقليمية الأخيرة زادتنا ولاء ومحبةً لوطننا ورموزه، وجعلتنا ندرك بعد انكشاف الخدع الأممية أننا مقصرون في حق وطننا المعطاء، ولن نضيّع كثيرا من الوقت أو نجامل كائنا من كان على حساب الوطن وإعماره وأمنه واستقراره. لذلك؛ فأول من حمل لواء السعودية أولاً هم الشباب، سواعد بناء هذا الوطن العظيم. مما سيسجله التاريخ عن هذه المرحلة الواعية بأن ذاد عن الوطن جنود من الشرفاء الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي، فأسقطوا إمبراطوريات إعلامية ورموز إعلام هلامي، وتخلّف عن ساحة الوغى رموز الصحوة، من ملكوا المنابر والتأثير الفعّال في الرأي العام في سلوك هروبي مستغرب ومستهجن.