أصادف هذا الهاشتاق كثيراً في تويتر.. أعثر من خلاله على أشخاص يشعرون بعظمة وطنهم ويتحدثون عنه كدولة عظمى، ومناوئين لا يتقبلونه ويحاولون السخرية منه - أو على الأقل يطالبون بتقديم الدليل.. في عهد معمر القذافي امتلكت ليبيا أطول اسم رسمي في العالم "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى".. أضاف القذافي كلمة "العظمى" بعد الغارة الأميركية العام 1986 ونافس بذلك بريطانيا في الاسم الذي أقرته رسمياً العام 1927 "المملكة المتحدةلبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية".. غير أن بريطانيا كانت حينها أمة عظيمة فعلاً - حيث بدأت فيها الثورة الصناعية الحديثة، وتملك إمبراطورية تتوزع على سبع قارات، وخرج منها أهم العباقرة والمخترعين في القرن العشرين.. وفي المقابل لم يزد سكان ليبيا على ستة ملايين نسمة، ولم يتجاوز تأثيرها السياسي والثقافي الحدود التي رسمتها بريطانيا أيام الاستعمار "كما هي حال معظم الدول العربية".. غير أنني "وأقولها من دون مجاملة" لا أستكثر هذا اللقب على أشقائنا الليبيين "رغم إلغائه من قبل المؤتمر الوطني في يناير 2013"؛ لأن العظمة أيضاً شعور وطني واعتقاد داخلي لا يحق لأحد مصادرته من أي شعب.. لمست نفس الشعور في سنغافورة حين زرتها مرتين رغم أنها جزيرة صغيرة لا يزيد سكانها على خمسة ملايين نسمة، لمست بين مواطنيها مشاعر الزهو بإنجازاتهم ووصولهم "كما يعتقدون" لمصاف العالم الأول - رغم أنها في نظري ليست أكثر من مدينة طارئة تملك مباني عالية.. وفي المقابل زرت دولاً عريقة في تاريخها وكبيرة في شعبها، ومع ذلك تلمس بين مواطنيها مشاعر الإحباط والتذمر والرغبة في الهجرة.. لا يشعرون بأهميتهم، وغير متفائلين بمستقبلهم، ولا يعتقدون أن وطنهم يسير بالاتجاه الصحيح. لهذا السبب أعتقد أن "أول معايير العظمة" هو وجود مشاعر وطنية غامرة بالعظمة نفسها.. فأنت كبير وعظيم بالقدر الذي تنظر فيه لنفسك وتثق فيه بوطنك.. أعتقد أن المملكة دولة عظمى طالما شعر سكانها بذلك.. يمكنني تقديم أرقام وإحصائيات عالمية "تؤكد على الأقل تفوقنا على معظم الدول العربية" ولكن ما يهمني أكثر هو تنامي ثقتنا بأنفسنا ومستقبلنا أكثر من أي شعب آخر. حين تسري هذه القناعة بيننا لا يصبح رأي غيرنا مهماً.. حين يؤمن المواطنون أنهم بصلابة "جبل طويق" تصبح مشكلة غيرهم إزاحة جبل طويق عن مكانه.