بعد نحو أربعة عقود من التحالف السعودي الياباني التاريخي المذهل في صناعة الميثانول الكيميائي، يقف الحليفان عملاقا البتروكيميائيات في المنبع والمصب شركتا «سابك» و»ميتسوبيشي» للغاز والكيميائيات اليابانية الآن على عتبة مفترق الطريق لفض شراكتهما الناجحة والباهرة للشركة السعودية للميثانول «الرازي» وهي أكبر مجمع للميثانول في العالم في موقع واحد وبطاقة ستة ملايين طن متري سنوياً والتي يمتلكها الطرفان مناصفة بنسبة 50 % لسابك، و50 % لاتحاد تحالف ياباني يمثل حكومة اليابان، ومجموعة شركات يابانية بقيادة «ميتسوبيشي» وذلك لانتهاء فترة اتفاقية التشغيل المشتركة لمجمع «الرازي» المحددة بفترة 38 عاماً بدأت في نوفمبر 1980 وتنتهي في 29 نوفمبر 2018، بعد رحلة مخاض وصمود في معترك تنافسي عالمي مهول تمكنت على إثره المملكة حديثة العهد آنذاك بالبتروكيميائيات من نحت اسمها بأحرف الذهب ضمن صدارة دول العالم في المرتبة الثانية في إنتاج وتسويق الميثانول الكيميائي بطاقة حوالي ثمانية ملايين طن. ويخوض الشريكان حالياً «سابك» و»الشركة اليابانية السعودية العربية للميثانول» التابعة ل»ميتسوبيشي» جولات مضنية من المباحثات التفاوضية حول تفاصيل انتهاء اتفاقية الملكية المشتركة لشركة «الرازي» ومتطلبات المرحلة والتزاماتها وتفاصيل خطط المشروع في وقت ينوي الجانبان تمديد الاتفاقية الحالية وتوسيع حجمها نظراً للنجاح الكبير الذي تحققه شركة «الرازي» في كافة أصعدتها التقنية والتشغيلية والإنتاجية والتسويقية والربحية، وفق مذكرة قدمها الشريك الياباني (تحتفظ «الرياض» بنسخة منها)، بيد أن كلا الشركتين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق نهائي معلن، والمناقشات لا تزال جارية مع الأخذ في الاعتبار جميع الاحتمالات. في وقت قالت «ميتسوبيشي» إنها ستقوم بالإفصاح عن نتائج المباحثات على الفور عند وضع الصيغة النهائية للمفاوضات بين «سابك» و»اليابانية للميثانول»، مشيرة إلى أنه لم يتم تضمين تأثير هذه المسألة على الأداء الموحد لأعمال «ميتسوبيشي» المعلن أول نوفمبر الجاري، حيث إن التأثيرات المحتملة لم يتم تحديدها بعد، وسوف تعلن «ميتسوبيشي» عن أي تصحيحات في توقعات الأعمال المستقبلية. وقدرت شركة «ميتسوبيشي» حقوق الملكية في أرباح الشركات ذات العلاقة بالشركة اليابانية السعودية العربية للميثانول والمنصوص عليها في البيانات الموحدة للدخل متوسط سنوي بقيمة 12 مليار ين ياباني من السنة المالية 2008 إلى 2017، وتبلغ حصة الشركة اليابانية السعودية العربية للميثانول في استثمارات الأوراق المالية المدرجة في الميزانية العمومية الموحدة 41.1 مليار ين ياباني تقريبًا اعتبارًا من نهاية سبتمبر 2018، فيما تبلغ قيمة الأصول الناشئة من أسهم شركة «الرازي» حوالي 21.8 مليار ين ياباني ولم تصدر «ميتسوبيشي» أي ضمانات ديون على الشركة اليابانية السعودية العربية للميثانول. وتأسست الشركة اليابانية السعودية العربية للميثانول قبيل إطلاق مشروع «الرازي» بعام وتحديداً في نوفمبر 1979، برأس مال قدرة 2,3 مليار ين ياباني، بهدف الاستثمار وتمويل وقيادة أعمال الشركة المنتجة للميثانول في المملكة «الرازي» وتوريد وتوزيع منتجها من الميثانول لليابان، وتبلغ قيمة حقوق مساهميها 33.196 مليون ين ياباني اعتباراً من 31 ديسمبر 2017، فيما يبلغ إجمالي أصولها 39.649 مليون ين ياباني كما في نفس الفترة، وتعود ملكيتها لشركة «ميتسوبيشي» للكيميائيات والغاز بنسبة 47 %، وباقي النسبة لحكومة اليابان وست شركات يابانية أخرى، في حين تبلغ قيمة حقوق المساهمين في شركة «الرازي» 3,064 مليون ريال كما في 31 ديسمبر 2017، فيما يبلغ إجمالي أصولها 4,501 مليون ريال كما في نفس الفترة. في وقت وضعت الحكومة اليابانية كامل ثقتها في شركة «سابك» بالدخول معها في المشاركة في ملكية مجمع «الرازي» الذي كان ولا يزال للجانب الياباني الدور الأعظم في تأسيس وانطلاقة صناعة البتروكيميائيات السعودية في الثمانينات الميلادية حينما شاركت شركة «ميتسوبيشي» من الصفر في بناء أول وأكبر المجمعات البتروكيميائية في العالم في مدينة الجبيل الصناعية من خلال تحالفها العملاق مع شركة «سابك»، والذي يتوقع المحللون استمراره نظراً لعمق الشراكة الناجحة المتأصلة في جذور مجمع «الرازي» وما حققه من عوائد وأرباح كبيرة للشركتين. وتمضي «سابك» في تاريخها العريق من الشراكة والتعاون مع الشركات اليابانية، بدأ مع انطلاقة مسيرتها الرائدة منذ 38 عاماً حيث أسست «سابك» أول شركة للميثانول «الرازي» بالشراكة مع عدد من الشركات اليابانية العام 1979م وبدأت بناء مصانعها في نفس عام تأسيسها لتعلن مرحلة الإنتاج في فبراير 1983 لتدخل المملكة عصر تصدير الميثانول للمرة الأولى حين صدرت شحنة من باكورة إنتاجها بطاقة 33 ألف طن متري، شقت طريقها إلى اليابان، لتعلن انضمام المملكة إلى عمالقة القوى العالمية في صناعة البتروكيميائيات، بعد أن وثق بها العالم باعتبارها رافدا مهما في حقل الصناعات النفطية.