أثبت تصلب الميليشيا الحوثية الانقلابية المدعومة إيرانيا ضد المساعي الدولية للحل السياسي في اليمن، أن الحسم العسكري هو السبيل الأمثل لإجبار الميليشيا على التفاوض، ودعم مسار عملية السلام في البلاد، وإنقاذها من سيناريوهات كارثية تفوق النموذج الليبي والسوري، في ظل الارتباط الوثيق بين انقلابيي اليمن والقرار الإيراني الطامع في احتلال البلاد، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي. ويأتي ذلك في وقت، تحقق خلاله قوات الجيش الوطني اليمني إنجازات وانتصارات متتالية على مختلف الجبهات، وأبرزها منطقة وميناء الحديدة الاستراتيجية، وجبهة مران في صعدة الوكر الرئيس للحوثيين، في ضربات تستهدف قطع رأس الأفعى، في وقت تعاني خلاله الميليشيا من وضع عسكري صعب، وشح في العنصر البشري نتيجة العزوف الشعبي عنها؛ مما دفعها للتوسع في تجنيد الأطفال والموظفين وحتى المساجين. ويكمن التصلب الحوثي في عدد من المسببات أبرزها: الطبيعة الطائفية للميليشيا، حيث إنها لا تؤمن بالآخر ولا بالتعددية الطائفية أو السياسية وتتصف بفرض سياستها بقوة السلاح المهرب من إيران أو المنهوب من مخازن الجيش الوطني اليمني، كما أن وضع الميليشيا لقرارها السياسي بيد إيران يعرقل جميع الجهود التي تهدف للحل السياسي، في وقت تحاول خلاله الأخيرة الهيمنة على اليمن ومضيق باب المندب الممر الحيوي لنسبة 10 % من تجارة العالم، وجعله تحت رحمة العبث الإيراني من خلال الميليشيا الحوثية، إيمانا من النظام الإيراني بأن السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية تجعل منه لاعبا أساسيا بمنطقة الشرق الأوسط. ويزداد التصلب الحوثي خطرا في ظل الرفض التام من الشعب اليمني ببقاء مغتصبي السلطة وعملاء إيران في أعلى الهرم السياسي بالبلاد، وهو ما يجسد حالة الصراع الداخلي في اليمن على السيطرة على السلطة ومصادر الثروة، عوضا عن حالة الصراع الدولي لتحقيق أقصى مصالح سياسية واستراتيجية من وراء الملف اليمني. وجعل التعنت الحوثي من الحسم العسكري الحل الوحيد أمام قوات الجيش الوطني والتحالف العربي، مع استمرار استغلال الميليشيا للمفاوضات كمتنفس لعرقلة الحسم العسكري وليس البحث عن حل سياسي، في وقت ترفض خلاله الميليشيا تقديم تنازلات ملموسة تتناسب مع حقيقة الانتصارات الشرعية التي تحققت على أرض الواقع، والتي باتت نقطة جوهرية تكتب ملامح المرحلة المقبلة. وما يدعم «الحسم العسكري» كحل وحيد لإحلال السلام باليمن، هو انتهاج الحوثيين لنموذج «المسرحيات السياسية» مع كل دعوة إقليمية أو دولية توجه لهم للجلوس على طاولة المفاوضات، حيث يأبون إلا أن يعارضوا آمال الشعب اليمني في إتمام عملية سياسية سلمية لإنهاء معاناته مع انقلابهم وأطماعهم وعمالتهم لإيران التي تسببت في نشر الخراب والدمار في ربوع البلاد، فيما تلتزم الحكومة الشرعية مع كل مفاوضات أمام العالم بصدق نواياها في الانخراط في المسار السياسي لحل الأزمة بالالتزام بموعد المفاوضات والوصول إلى مقرات انعقادها المعلن عنها، حاملة رسالة واضحة عنوانها إحلال السلام ودعم جهود الأممالمتحدة، فيما يواصل الحوثيون العمل على إطالة أمد الحرب بإيعاز من إيران وحرسها الثوري وحزبها اللبناني الإرهابيين، ويظهر التزام الحكومة الشرعية بمسار الحل السياسي، وجود حالة من التقاعس الدولي في الملف اليمني، الأمر الذي يؤكد على أهمية دور التحالف العربي في منع تحول اليمن إلى مستنقع من الحروب الأهلية، وينقذها من استنساخ نموذج أكثر شراسة من النموذج الليبي أو السوري. ويغيب حسن النية عن الحوثيين بشكل تام تجاه عملية سياسية سلمية تنهي الأزمة اليمنية عبر بصمات إيرانية تفرغ فحوى المفاوضات حين تصل إلى النقاط المهمة والحساسة، ففي الوقت الذي تجري خلاله جهود الأممالمتحدة للجلوس على طاولة جنيف، يواصل الحوثيون المدعومون من إيران اعتقال المدنيين والصحفيين واجتثاث الآخر، وزرع الألغام، وقطع موارد الحياة في البلاد، ومعارضة تخصيص ممرات آمنة للشعب اليمني ولمرور المساعدات الإنسانية والإغاثية وضمانات عدم نهبها، كما يواصلون حصار تعز، وتعطيل فتح مطار صنعاء، ورفض نزع السلاح، ورفض نقل البنك المركزي إلى عدن.