ضمن المصورات الفرتوغرافيات اللواتي احتفلت بهن مجلة ماري كلير في مجلس بلدية المنطقة الرابعة في باريس كانت الفنانة الفرنسية سارا مون Sarah Moon من مواليد العام 1941، والتي عملت كعارضة أزياء، ثم لم تلبث أن اطلعت في العام 1970 على عمل المصور الشهير جاي بوردون Guy Bourdin، والذي قلب كيانها وحول مجرى حياتها، لكأنما فجر داخلها بذرة كامنة بعشق التصوير، وفي لمحة قررت ترك عملها كعارضة واحتذت بوردون محترفة للتصوير الفوتوغرافي للأزياء، واختارت هذا الاسم الفني سارا مون عوضاً عن اسمها الأصلي مارييل وارين، ومثل نار في هشيم انتشر عملها واشتهرت بالتصوير لدور أزياء مشهورة مثل كاشاريل وديور وشانيل، كما صورت لمجلة فوج الشهيرة، وختمت بأن تأثرت بسينما التعبيريين الألمان 1920 فركزت نتاجها منذ 1985 على صناعة الأفلام، وهي التي صورت فيديو المغنى خالد Khaled المشهور عيشة Aicha، والتي توضح أسلوبها الفريد في الإبداع، حيث تستعيض في أفلامها عن الكلمة بالصورة المتحرك، والتي تخلق حبكة شعرية من الأشياء الصغيرة التي قد لا تلفت الأنظار مثل بشرة وجنة طفلة أو طرف ثوب أو غصن جاف، تحبك من ذلك مشهداً غائماً محملاً بالمعاني والأسرار التي تثير فضول المتلقي، لذا فهي تعشق تصوير الزائل وغير المتوقع والمباغت، الأمر الذي يتحقق من خلال كاميرا البولورويد، هذه الكاميرا التي تنتج صوراً لا يمكن التكهن بجودتها، صور خاضعة للصدفة باهتة رقيقة وربما معرضة للزوال، صور أبعد ما تكون عن الكمال، هذا اللاكمال الذي يميز لقطات سارا مون، هذه التي تفضح السر الأعمق للحياة ألا وهو (اللاكمال)، والصور التي نشهدها في مجلس بلدية المنطقة الرابعة تظهر هذه الرؤيا الحالمة وتمجد لأنوثة حالمة أو أرستقراطية، وتوضح التنوع الفريد لنتاج سارا مون والذي حفر اسمها كأيقونة في مسيرة التصوير الفوتوغرافي العالمية، والجدير بالذكر أن سارا مون قد نالت جوائز عدة آخرها جائزة نادار في باريس Prix Nadar في العام 2008. احتفى معرض "النساء هن الموضوع" أيضاً بنتاج المصورة الفوتوغرافية البلغارية "إلينا كشيشيفا Elina Kechicheva" والتي تقطن باريس، هذه المبدعة التي وعت رسالتها مذ كانت طفلة، حين قررت أن التصوير هو الحرفة التي خلقت لها، ولقد تجسد في نتاجها المبكر ذلك الوعي الناضح والحس الحميم بجدوى الوجود، إذ يجد المتلقي في صورها مساحة للتنفس، يشعر بالحرية والانطلاق، يشعر بالحميمية والدفء في موديلاتها اللواتي تصورهن متقاربات مثل توائم، بأجساد على سيقان رفيعة مثل منحوتات خام تغرق في كشكشات الثياب وشرائح الألوان من البرتقالي والأخضر والوردي، موديلات مرحة بأعين شاسعة تنظر مباشرة لعين المتلقي وتجرفه بعمقها للماوراء، نساء في حالة توصيل لتنوير روحي، إنهن يعكسن الصفاء الذي لروحها ولرؤيتها الناصعة منذ الطفولة. هذا الصفاء الذي مكنها أن تذيع شهرتها في سن مبكرة وذلك بمجرد عرضها لنتاجها في مهرجان التصوير الدولي المرموق « دي هييريس Festival d'Hyères » وتلاه نشر نتاجها في كتاب "الجنة Paradise » من إخراج مدير فن التصوير الباريسي باتريك ريمي، وأخيراً تطور عشقها لملامح الوجه البشري فاتجهت لتصوير البورتريه، ولقد صورت وجوه مشاهير مثل المغنية الراحلة إيمي واينهاوس، والمغني فاريل وليامز وغيرهما. وفي معرض مجلة ماري كلير بباريس تخرج إيلينا كشيشيفا للوجود صورة للمرأة المعاصرة، امرأة رحالة مستكشفة ترفدها الروح السلافية وتجسد شاعرية جورجيا في سهولها وهضابها المسكونة بالأساطير القوقازية النزوية والغامرة بالسكينة في ذات الآن، تلك الروح المحملة بالغموض والشموس المباغتة، إنها المرأة التي لاتُهزَم وقادرة على رسم مستقبلها بلا وجل.