إذا سلمنا أن وسائل التواصل الاجتماعي تمتلىء بعشرات الآلاف من الأخبار الكاذبة لكونها مفتوحة للجميع، فماذا عن وسائل الإعلام العالمية التي انساقت وراء شائعات تتناول موضوعات غير حقيقية عن المملكة، وبعضها ينشر بشكل متزامن.. ياترى من يقود هذه الحملة ولماذا المملكة بالذات؟ نعرف أن وسائل التواصل الاجتماعي مكنت من يشاء ومن أي مكان أن يبث أي معلومات دون التأكد من مصداقيتها. وليس ما حدث للزميل جمال خاشقجي -رحمه الله- عنا ببعيد حيث سمعنا وقرأنا وشاهدنا كماً هائلاً من الشائعات عما حدث له، فما بين تسريبات وتصريحات ومصادر مسؤولة وكل يدعي أنه يملك الحقيقة. فهل هناك قوى دولية تدعم هذا التوجه؟ لا يمكن الجزم بأن هناك أجوبة جاهزة على هذه التساؤلات فسيبقى بعضها أسراراً في يد من أطلقوها. والهجوم الذي تتعرض له المملكة ليس وليد اليوم وليس بسبب ماحدث للزميل الإعلامي جمال خاشقجي -رحمه الله-، ولكنه يعود إلى سنوات طويلة ربما منذ أن تم اتهام المملكة بالرجعية أثناء مواقفها الثابتة من المد الشيوعي في المنطقة العربية. وقد كان في السابق يعتمد على الصحافة الورقية، ولنا في دكاكين بيروت شاهد على ذلك، ثم انتقل إلى الإعلام المرئي، والآن تحول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فالهجوم الإعلامي والتشكيك في مواقف المملكة ليس جديداً، وليس من المتصور أن يتوقف مادام هدفه الابتزاز والتسويق لمواقف سياسية تقف المملكة ضدها بثبات. ومما يؤكد أن الهدف هو استهداف المملكة بسياستها وقادتها التقرير الذي نشرته وكالة "رويترز" قبل أيام والذي يشير إلى أن هناك شبكة تضمّ ما لا يقل عن 53 موقعًا إلكترونيًّا تقدم كمنافذ إخبارية أصلية باللغة العربية، معلومات كاذبة عن الحكومة السعودية، ووفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في محاولة منها للتشكيك في الإنجازات التي تقوم بها المملكة. وأكدت الوكالة أنه من اللافت للنظر كثرة هذه المواقع الوهمية التي تستهدف المملكة بتلفيق الأخبار الكاذبة، ومعظمها يأتي من مصدر واحد، أو مصادر محدودة، ولكنها تتلون وتتغير بصفة دورية لخدمة هدف واحد هو الإساءة إلى المملكة، فقد أظهر التقرير تشابهاً في المحتوى والتصميم، وتناغماً في تبادل نشر الأخبار الوهمية وفي بعض الأحيان يتم نشرها بأخطائها اللغوية والطباعية والأسلوبية. وماورد في تقرير رويترز ليس إلا مثال فقط ل (48) موقعاً، ومن المؤكد أن هناك آلاف المواقع الموجهة التي تتفق في نفس الهدف وهو استهداف المملكة؟ هل هدفهم الحصول على تنازلات من المملكة لمواقفها الثابتة تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية؟ أم أنهم يريدون فقط أن يتشكل رأي عام دولي ضد المملكة؟ أم أن الهدف استنزاف ثروات المملكة الضخمة من خلال نشر هذه الشائعات؟ أم أنهم يهدفون إلى تشكيك المواطنين في قيادتهم والسعي لخلخلة الوحدة الوطنية الفريدة بين القيادة والشعب؟ ربما هذه جميعها، فما تعيشه المملكة من استقرار ونمو اقتصادي وتلاحم شعبي لا شك أنه يثير الحاقدين الذين لايرضيهم أن تكون المملكة في منأى عن كل هذه القلاقل التي عاشتها بلدان أخرى قريبة من المملكة. ولعل القيام بدراسة وتحليل مضامين هذه الشائعات، ومعرفة نقاط الالتقاء بينها، وتوقيتها ودراسة متغيراتها سيساعد في الوقوف على سلوك هذه المواقع، وكيف تدار، ومن يقف وراءها، لكون ذلك سيساعد في التصدي لها بقوة وحزم.