منذ بضعة أيام طالعتنا وكالات الأنباء بخبر مثير للاهتمام حول حذف شركة فيسبوك لعدد من الحسابات ذات المنشأ الإيراني في إطار محاربة المؤسسة لنشر المعلومات الزائفة والمضللة، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة، حيث بات يمكننا إدراج ما تقدم الحسابات المُضللة من مواد إخبارية ومعرفية زائقة تحت مظلة الغزو الإلكتروني، أي اختراق المجتمع الآخر دون دبابة أو تنظيم عسكري، فقط بضعة أسطر مسمومة تثير الفتن والقلاقل الداخلية، ومن يدري ربما تعمل لصالح أجنحة سياسية بعينها على حساب أصوات وطنية أخرى داخل بعض الدول عن طريق تقديم الدعاية والمعلومات المغلوطة، إلا أن الأمر اقترب أن يكون سمة جديدة من سمات العصر علينا اتباع أساليب الفحص والتدقيق لتلافي أضرارها. معركة الحسابات الوهمية، مصطلح غريب أصبحنا أليفين معه، ويثبت بمرور الوقت أنه من شأن هذه الحسابات أن تشكّل فرقًا سياسيًا، أو على الأقل أن تتدخل بغرض إحداث الفرق وبإمكانها تطوير أدواتها، لتصبح أخيرًا سرطاناً لا يستطيع أحد مواجهته. السلاح الآخر بالتأكيد في هذه المرحلة، سلاح اختراق الحسابات وتوظيف البيانات المسروقة توظيفًا سياسيًا كما حدث في فضيحة كامبريدج آناليتكا، والتي اكتملت بها أضلاع استخدام فيسبوك في الانتخابات الأميركية لتوجيه الناخبين في قضية منظورة أمام القضاء حاليًا. فمن ناحية، فيسبوك ينزف من الخسارات المادية وثقة المستخدمين التي لا تتجدد، ومن جهة أخرى شركات استشارات وأطراف سياسية ما زالوا يحاولون بذل قصارى جهدهم لغسل أيديهم من فضيحة الإعلانات الموجهة التي نفذتها حسابات روسية وهمية للتأثير على الرأي العام الأميركي إبان الانتخابات، فيما تحاول منصة التواصل الاجتماعي الأشهر أن تغلق هذه البوابات بعزم لعدم تكرار الفضيحة، بإغلاق عشرات الحسابات المشبوهة كل يوم. في بعض الأحيان رغم ذلك تبتعد معارك الغزو الإلكتروني عن الساحات السياسية والعلاقات الدولية لتُصبح البيانات الصرفة هي الهدف من عمليات السطو والاختراق المنظمة، كما حدث غير مرة مع بيانات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أو بيانات عملاء بعض البنوك. ومنذ فترة وجيزة شهدنا جميعًا المدير التنفيذي لموقع فيسبوك مارك زوكربرج يُسأل عن مدى خصوصية تلك البيانات، إلا أنه ولسوء الحظ تعرضنا منذ فترة لعملية اختراق حسابات إلكترونية على موقع فيسبوك ما أدى إلى خروج مستخدميها منها في سبتمبر الماضي، الأمر الذي أثر على ما يصل إلى 50 مليون مستخدم، ويوحي أن إيقاف الغزو من منابعه ربما غير مُمكن فكل ما علينا هو دعم تكنولوجيا الأمن السيبراني ونشر ثقافة تأمين البيانات والمعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي. Your browser does not support the video tag.