لم يسبق لي أن رأيت هجمة بهذا المستوى من الشراسة ضد المملكة من مختلف الأماكن والأشخاص على تباين مستويات ثقافاتهم وبيئاتهم الاجتماعية، بل والدينية. وأتساءل بصفتي مواطناً عاشقاً لبلده، ومتفائلاً برؤيته ومؤمناً بقيادته، لماذا كل هذا الهجوم الذي في كثير من الأحيان يصل للهمجية في الطرح والوصف والاتهام، ولماذا كل هذا التربص وكأن الواحد منهم يحلم بأن يرى بلدنا في صورة الدمار والتخلف؟! مع التأمل فيما وصلت إليه المملكة من نتائج على أرض الواقع في وقت قياسي غير مسبوق بفضل الله، وبعد انطلاقة طموحة واستثنائية بالتوجيه الحكيم من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وبالإدارة السابقة لعصرها بالتفوق والتميز لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، أصبحت المملكة العربية السعودية مصدر إزعاج للكثير ممن وجدوا في هذا النجاح انعكاساً لفشلهم وتعرية لفسادهم، فتحولوا من متفرجين إلى ساعين لهدم صروح التفوق السعودي. إن النجاح يمثل مصدر تعاسة وإحباط للفاشلين فكرياً وثقافياً وعملياً وإيمانياً، وينتج لديهم آلاماً مبرحة مؤرقة تبين لهم حقيقة هشاشاتهم الداخلية ويصيّرهم أكواماً من الحسد. هذا الحسد الشيطاني يعرض المجدد الناجح للمكر السيء من قبل أعدائه الذين يمثلون ضريبة النجاح. ومن سنن الله سبحانه أن المكر السيء يحيق بأهله على الدوام، كما أن الحق يزهق الباطل دائماً وأبداً. يجب أن يعي المواطن السعودي أنه بعد حفظ الله وتوفيقه هو صمام الأمان الأول، فينزه ذاته عن تعاطي الأخبار الزائفة والمحبطة والموجهة من قبل أعدائنا الذين كشفوا مع الوقت نتانة خباياهم وأمانيهم اللا أخلاقية تجاه بلاد الحرمين الشريفين وأهله الطيبين. المواطن هو الدرع الواقي من الأعداء بعد حفظ الله، ولذا من الضروري نشر ثقافة «الميثاق» والتي تضع المواطن عند خدمته وأداء واجبه من خلال الوظيفة أو التطوع أو العمل في القطاع الخاص والأعمال الحرة، أو حتى عند الدراسة بالمدارس والجامعات موضع المسؤول عما يؤديه ويحصل عليه. فعندما يدخل المواطن في «ميثاق» بينه وبين الجهة التي ينتمي إليها بالعمل أو بالدراسة سيكون دائماً في حالة من الوعي بما عليه من التزام تجاه ربه ثم نفسه ووطنه ومجتمعه بأن يقدم أفضل ما لديه بإخلاص وأمانة وصدق وتفان، وسيحذر أن يقصّر تجنباً للنظر إليه بأنه ناقض للميثاق من قبل المجتمع. الهدف هو نشر ثقافة «الميثاق» بدءاً من مرحلة الدراسة وتكرارها في كل مرحلة جديدة يبدأها المواطن بعد ذلك إلى أن يتم إنشاء سلوك حضاري راقٍ مستمد من تعاليم ديننا الحنيف تتوارثه الأجيال، ويصبح سمة مجتمعية ترسخ القيم الإنسانية الكفيلة بعد توفيق الله بتماسك أفراد المجتمع، وجعلهم نبراساً للمجتمعات المتقدمة خُلقاً وعلماً على جميع الأصعدة. Your browser does not support the video tag.